للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[نقد كتاب إحياء النحو]

تأليف الأستاذ إبراهيم مصطفى

للأستاذ أحمد أحمد بدوي

- ٢ -

لا أحسب المؤلف يؤمن بذلك، ولكنه (كما قلت) قد اضطر إليه اضطراراً؛ لتسلم له فكرته، فإنني إذا قلت: لا تلميذ في فصلي راسب، أريد أن أتحدث عن كل تلميذ في فصلي، وأن اثبت له انه غير راسب؛ فتلميذ مسند إليه، ومتحدث عنه، لا ريب في ذلك، وإنما سوغنا حذف خبر لا النافية للجنس في كثير استعمالها؛ لأن الخبر وجود عام، والعرب (إذا كان الخبر وجوداً عاماً) حذفوه، لأنه مفهوم من الكلام. ألا تراهم يفعلون ذلك بعد لولا؛ فيقولون: لولا محمد لهلك علي، فيحذفون خبر (محمد) والأصل لولا محمد موجود لهلك علي؟ ولا أخال المؤلف يشك في أن محمداً مسند إليه، محذوف الخبر، كما حذف خبر لا من غير أن يؤثر في اسمها، بل هو باقي على حاله، مسنداً إليه، ولا أخالني في حاجة إلى تذكير المؤلف بأن العرب يلتزمون حذف متعلق (الجار والمجرور) إذا كان وجوداً عاماً.

ومن ذلك تمحلات الأستاذ لنصب مفعولي (ظن)، وإذا كنت أقتنع بأن اسم لا لم يعد مسنداً إليه، فإنني كذلك لا أستطيع أن اقتنع بأن المفعول الأول لظن لم يعد مسنداً إليه، فانك إذا قلت: ظننت أخاك حاضراً، لم ترد - بلا شك - أن تخبر السامع بأنك ظننت ظناً ما، ولكنك تريد أن تخبره بأنك قد القي في روعك ظن حضور الأخ، فأنت إذاً تقصد إلى أن تتحدث عن الأخ بأنك قد ظننت حضوره؛ وأما ما أحتاجه بأنه يجوز حذفهما إذ لم يعودا مسنداً غليه ومسنداً، فمردود بأن المبتدأ الذي هو مسند إليه بالإجماع يجوز حذفه إذا دل عليه دليل، وكذلك مفعولا ظن يجوز حذفهما إذا دل عليهما الدليل، وليس ثمة استعمال عربي ترى فيه مفعولي ظن محذوفين لغير دليل، بل لا يمكن فهم هذه الألفاظ إلا وهي متعلقة بمفعوليها، ويطول بي القول إذا أتيت بهذه التراكيب التي توهم المؤلف فيها حذف المفعولين لغير دليل، وبينت له أن دليل المفعولين قائم في الجملة يلمسه السامع بأقل انتباه.

ومن ذلك أننا نجد الاسم الذي نريد التحدث عنه منصوباً في باب الاستثناء، ألا ترى أنك

<<  <  ج:
ص:  >  >>