للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

إلياس

(إلى الذين يجدون سعياً في سبيل السعادة

للكاتب الفيلسوف ليو تولستوي

بقلم الأستاذ مصطفى جميل مرسي

يحكى أنه كان يعيش في بلدة واحد من البشاكرة يدعى (إلياس). . . قضى أبوه نحبه بعد أن متع ناظريه بزوجة ولده - دون أن يخلف له شيئاً من الأرض يأتي له بريع من الرزق يعيش هو وامرأته عليه. فلم يدع له سوى سبعة من الخيول والأفراس وبقرتين وعشرين رأساً من الغنم. . .

فشمر إلياس عن ساعد الجد. . . وكان ماهراً في رعاية الحيوان بارعاً في تربيته ذا جلد ومثابرة، فراح يتولى ماشيته بعنايته، ويهيئ لها من المرعى والمأوى كل ما يدخل في طوقه. . .

وكان - هو وزوجته - يعملان سحابة يومهما وجنحاً من ليلهما. . . ينهضان على تبكير من الغسق. . . وهما آخر من يأوي إلى مضجعه في العشي. وأقاما على تلك الحال حتى بارك الله في ماشيتهما، وضاعفها. فزادت وتكاثرت عاماً أثر عام، وأتيح لهما وفر فيما يملكان من ثروة ومال. . .

وحينما وافت السنة الخامسة بعد الثلاثين على تمها صار لإلياس من الخيول مائتان، ومن البقر مائة وخمسون ومن الغنم ألف ومائتان. . . فأستأجر رجال يحملون عنه عِبءَ الرعي ويقومون على معونته. . . واتى بأجيرات من النساء يحلبن له ماشيته ويخضون ألبانها ويستخلصون منها الزبد والسمن والجبن (والكميس)

فأيسر (إلياس). . . وأخصب جانبه وأرغد عيشه، وراح يعيش في بلهنية ودعة. . . فعظم مقامه بين جيرته، وذاع شأنه بين من يقنطون في واديه. وأخذ كل امرئ يغبطه ويتحدث عنه - وفي نفسه حسد - (إن إلياس رجل بخيت ذو جد جلب عليه كل ما يراود أمل الإنسان من رغبات. . . فهو - دون ريب - سعيد بهذه الدنيا هانئ بها

<<  <  ج:
ص:  >  >>