شمائلهم وعاداتهم في النصف الأول من القرن التاسع عشر
تأليف المستشرق الإنجليزي ادورد وليم لين
للأستاذ عدلي طاهر نور
تابع الفصل السادس - عادتهم
لا يصعب على من اختلط بمجتمع الرجال المسلمين في القاهرة - كما قد يتصور الأجنبي - أن ينال من غير زواج أدق المعلومات الكثيرة عن شئون النساء وعاداتهن؛ فأغلب رجال الطبقة الوسطى المتزوجين والقليل من الطبقة العليا يتحدثون طوعاً عن مسائل الحريم إلى من يصرح لهم باستحسانه آراءهم في الأخلاق.
ولا تعتبر الزوجة - على العموم - معتقلة في الحريم، لأنها تكاد تكون مطلقة الإرادة في الخروج، وزيارة الصديقات، واستقبال الضيفات؛ ولا جرم أنه ليس للجواري هذا الاختيار، إذ هن سواء خضعن للزوجة كما يخضعن للسيد، أو للسيد فقط، تحت سلطة لا حد لها تقريباً. ومن أهم ما يرمى إليه رب الدار بتخصيص حريم منفصل أن يتلاقى رؤية الخدم وغيرهم من الرجال لنسائه دون نقاب كما ينص الدين. وتبين الآية التالية أنه يجب على المسلمة أن تخفى عن الرجال، خلا بعض الأقارب وغيرهم، ما يلفتهم إلى شخصها أو زينتها:(وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن، ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء، ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن. . .)؛ ويشير النص الأخير إلى عادة رن (الخلخال) الذي يستعمله نساء العرب في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يزال المصريات يتحلين به.
ويجب عليَّ أن أذكر هنا تعليقين فاضلين مدرجين في ترجمة سيل للقرآن توضيحاً للآية السابقة، حتى لا تؤديا إلى فهم العادات المتأخرة الخاصة بدخول الحريم أو عدمه فهما خطأ.