لقد خطا علم الفلك خطوات فسيحة أنارت للإنسان وأثارت دهشته وأذهلته وأصبح بفضل ما اخترعه من الآلات الدقيقة ومن جمعه بين مبادئ العلوم الطبيعية والكيماوية واستعانته بالرياضيات ومعادلاتها من معقدة وغير معقدة، أقول بفضل هذا كله استطاع العلماء أن يجلوا بعض المشكلات وأن يتفهموا بعض أسرار الكون.
من كان يتصور أن الإنسان يستطيع أن يعرف شيئاً عن تريب الشمس والأجرام السماوية، حتى الفيلسوف (كنت) وهو العالم ذو النظر الواسع والبصيرة النافذة لم يخطر على باله أن الإنسان سيصل إلى ما وصل إليه في علم الأفلاك فقال: (سيبقى الإنسان جاهلاً حقيقة تركيب الشموس ومعرفة عناصرها.) أما الآن فبفضل المختبرات والمراصد وما تحويه من آلات ومعدات عرف الإنسان بعض الشيء عن النجوم والكواكب والعناصر التي تتألف منها ووقف على خصائصها وقاس حرارتها.
لقد ثبت للعلماء من دراساتهم للأجرام السماوية أنه ما من عنصر موجود في تركيب هذه الأجرام إلا وفي الأرض ما يقابله، وأن الذرة بكهاربها وبروتوناتها وحركات هذه حول بعضها وحول الكهارب تشبه النظام الشمسي والنظم الشمسية الأخرى، أي إن الكون الأعظم يتألف من أكوان أخرى متشابهة في التركيب والبناء، وأن هناك تناسقاً ووحدة مادية كونية، فالنجوم والجزر الكونية، والشهب والنيازك والمذنبات وغيرها - كل هذه تتركب من العناصر الكيمياوية التي نعرفها وأن هناك قوانين تسودها ونواميس تسيطر عليها وعلى حركاتها، وأنه ما من شئ إلا يسير في دائرة من الأنظمة لا يتعداها ولا يشذ عنها؛ ولكن على الرغم من هذا كله ومن وقوف الإنسان على بعض الحقائق عن الكون لا يزال هناك أبواب مغلقة يحتاج فتحها إلى تعمق وجهود متواصلة. ومن الغريب أن الإنسان كلما تقدم في البحث انفتحت أمامه أبواب جديدة من المعرفة وزاد اعتقاداً بضآلته وإيماناً بأنه لا يزال على عتبة اليقظة العقلية.
وهناك أسئلة لم يستطع أحد الإجابة عليها؛ ويظهر أن أمام هذه الأسئلة صعوبات وعقبات لا يزال العلماء يجاهدون للتغلب عليها واقتحامها بما يكتشفونه من قوانين ونواميس، ومما