للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فضل المدنية العربية على المدنية الغربية]

للدكتور فيليب حتي

أستاذ التاريخ بجامعة برنجستون بالولايات المتحدة

خلاصة موجزة لسبع محاضرات ألقاها الأستاذ باللغة

الإنجليزية في جامعة سان باولو

٣ - في الفلسفة

كان للعرب قبل الإسلام أمثال وأقوال حكيمة يتداولونها على الألسنة ويتناقلونها من جيل إلى جيل، وكان لابد من الانتظار إلى ما بعد الفتح كيما يحكموا الاتصال بالفلسفة اليونانية عن طريق الترجمة بواسطة العلماء السوريين واللبنانيين قبل أن تغتني اللغة العربية بنظام فلسفي

وكان حنين بن إسحق (توفي ٨٧٣) السوري المسيحي شيخ المترجمين في أيام الخليفة العباسي المأمون في بغداد؛ وهو الذي نقل مع تلاميذه فلسفة أرسطو والأفلاطونيين الجديدين من اليونانية إلى الآرامية لغة البلاد السورية ومن هذه إلى العربية. وللحال أصبح أرسطو (المعلم الأول) في الإسلام، وكان لابد من التوفيق بين تعاليمه وتعاليم القرآن، وهو المشكل الذي شغل أفكار فلاسفة العرب الأولين

وأول فيلسوف عربي عنى بهذا الموضوع هو الكندي الذي زها في أواسط القرن التاسع. وكان الكندي فيلسوفا ورياضيا وموسيقيا. وتبعه الفارابي من مواليد تركستان ودفين دمشق (٩٥٠) الذي أصبح (المعلم الثاني) بعد أرسطو ووضع كتابا بعنوان (المدينة الفاضلة) على منوال (جمهورية أفلاطون)

كذلك فلاسفة العرب في الغرب فإن جهودهم العقلية تتوجت بالتوفيق بين الإسلام وفلسفة اليونان. وكان نجاحهم موفورا لأن الإسلام لم يكن فيه من العقائد والأسرار ما في المسيحية، ولم يكن له رجال دين لهم رأس ونظام شامل. ومن المعلوم أن الفلسفة اليونانية هي أعظم تراث من الفكر الأوربي القديم، والإيمان بوحدة الله هو أعظم تراث من الفكر السامي القديم. وهذان المجريان الفكريان التقيا في إسبانيا المسلمة وسارا جنباً إلى جنب

<<  <  ج:
ص:  >  >>