إن مشاكل التوفيق بين المسيحية والفلسفة اليونانية هو نفسه اعتراض العلماء السكولاستيكيين، ولكنهم لم يوقفوا إلى حله لما في العقائد المسيحية من التعقيد ولما في الكنيسة من الأنظمة الأكليركية
والفضل الأكبر في شرح أرسطو وجعله مقبولا لدى الإسلام أولا والمسيحية ثانياً يعود إلى ابن رشد القرطبي (توفي ١١٨٩) الذي ترجمت شروحه في طليطلة في أواخر القرن الثاني عشر إلى اللاتينية وترجمت أيضاً في صقلية إلى هذه اللغة، لغة العلم في تلك الأيام وما لبثت أن أصبحت كتب التدريس الفلسفية في جامعات إيطاليا ومنها نابولي، وإسبانيا ومنها قرطبة، وفرنسا ومنها باريس؛ وغيرها من البلدان الأوربية
وابن ميمون اليهودي (توفي ١٢٠٤) معاصر ابن رشد قام في سبيل الفلسفة اليهودية بالخدمة التي قام بها ابن رشد في سبيل الفلسفة الإسلامية. وكانت طريقه في التوفيق تفسير بعض آيات الكتاب المقدس تفسيراً مجازيا استعاريا. ومن الواضح أن البيرت ماغنونس وسبينوزا وكانت وغيرهم من فلاسفة أوربا المتأخرين من مسيحيين ويهود تأثروا بأفكار ابن ميمون
ونشأ في غرناطة فيلسوف مسلم لم يسبق له مثيل في تاريخ الفلسفة وهو ابن طفيل (توفي ١١٨٥) الذي وضع رواية (حي ابن يقظان) حاول فيها إثبات أن المرء إذا ترك لنفسه ولم يتأثر بعوامل خارجية من تربوية أو غيرها يستطيع أن يدرك حقيقة الخالق وواجباته نحوه، وبذلك أزال الحائط الفاصل بين ما هو طبيعي وما هو فوق الطبيعة. وترجم هذا الكتاب البديع إلى اللاتينية أحد أساتذة أكسفرد عام ١٦٧١. ومما لا ريب أن (قصة روبنسون كروسو) الطريفة منسوجة على منواله
٤ - في الفن
ذهب المسلمون إلى أن تمثيل الإنسان أو الحيوان بواسطة التصوير أو النحت أو الحفر إنما هو نوع من الخلق. والخلق هو ميزة إلهية فلا يجوز للإنسان أن يحاوله. وذلك كله نتيجة الاعتقاد بوحدة الله وأثر العبرانية القائلة بمنع عمل الأصنام
لذلك اقتضى أن يظهر الإسلام ميله الفني بوسائل جديدة من الزخرفة واستخدام الألوان