للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شوقيتان لم تنشرا في الديوان]

للأستاذ عبد القادر رشيد الناصري

- ٢ -

اطلع القراء في العدد السابق من الرسالة الغراء على درة من درر شوقي التي تجمع إلى أخواتها في دواوينه الأربعة المطبوعة ولم تضم إلى شعره المتداول بين أيدي القراء في جميع البلدان الناطقة بالضاد، وكنت وعدتهم في ذيل مقالي السالف أن أقدم لهم في هذا العدد شوقيه أخرى من تلك الشوقيات الفذة التي لم نتفتح عنها غير قريحة أبي علي، وهذه القصيدة الجديدة عثرت عليها في مجلة أدبية قديمة يرجع تاريخ صدورها إلى سنة ١٩٢٨ أيضاً. أما اسم المجلة فلا أعرفه لأن أكثر صفحاتها الأولى والأخيرة كانت ممزقة، وأما كيف عثرت عليها فتفصيل الخبر أنني كنت في يوم من الأيام في سوق الوراقين ببغداد أنقب بين الصحف القديمة التي تعرض للبيع بالأكوام فلفت نظري صديق إلى مجلة ممزقة كانت بين يديه وهو يشير إلى بعض بحوثها فلما أخذتها منه وتصفحتها عثرت فيها على قصيدة أميرنا مدرجة. وكم كان سروري عظيماً عندما راجعت دواوينه فلم أعثر لها على ذكر! فقلت في نفسي هذه هدية قيمة لا يستحقها إلا مجلة الأدب الرفيع والشعر الخالد حيث تقدمها إلى ابناء العروبة

والقصيدة كما يراها القراء لا تختلف في كثير أو قليل عن شعر شوقي من جميع النواحي، فالديباجة ديباجه، ولأسلوب أسلوبه، والنفس واحد، والصور والتركيب والتعابير والموسيقى اللفظية واللفتة الشعرية البارعة كلها له، وهي فوق كل هذا قصيدة عالية مشرقة بالرغم من أنها من بحر الرمل، ذلك البحر الذي لا يجيد فيه من حيث متانة تركيب الأبيات إلا القادر من فحول الشعراء. ولا أذكر أنني - على كثرة قراءتي للشعر - وقفت إلى شاعر نظم قصيدة من بحر الرمل وأجاد فيها أو أظهرها بديباجة متينة اللهم إلا شوقي، لأن هذا البحر على الرغم من سهولة النظم فيه لابد أن تأتي القصيدة فيه ركيكة مهلهلة الأبيات كما يحدث عند الكثير من الشعراء. لذلك يتجنب الفحول النظم فيه على العكس من البحور الأخرى كالكامل والوافر والبسيط حيث تأتي الأبيات قوية التركيب متينة الأبيات كأنها البنيان المرصوص. وأذكر أنني في بدء نظمي الشعر كنت لا أقوله إلا على بحر الرمل لسهولته،

<<  <  ج:
ص:  >  >>