لا يمكن أن تذكر مسألة الفيتامين دون أن يذكر اسم العلم البيولوجي والطبيب المجري تزنت جيورجي؛ فإذا علمنا أن مسألة الفيتامين كسبت في ثلاثة السنوات الأخيرة أهمية جديدة بما أحرزته البحوث فيها من تقدم كبير، وبما ألقته هذه البحوث من ضوء جديد على طائفة من أهم مسائل علم الحياة، فإننا نفهم كيف أن جائزتين من جوائز نوبل تمنحان هذا العام للعالمين هما تزنت جيورجي و (كارر) اللذان وقفا مجهوديهما على البحث في هذه المسألة، وكيف أنهما يفوزان في نفس العام بالدكتوراه الفخرية من باريس، بحيث يمكننا أن نقول إن عام ١٩٣٨ هو عام الفيتامين.
ولكي نقدر مجهود هذين العالمين ونفهم خطورة أبحاثهما، أرى من الواجب أن أقدم لذلك بكلمة تاريخية قصيرة في مسألة الفيتامين، حتى يتبين كيف أن هذه المواد التي كانوا يصفونها منذ بضعة سنوات بأنها (غامضة) أو (خفية) أصبحت من الأشياء التي يحضرها الكيميائي في معمله بل يركبها تركيباً صناعياً من مواد بسيطة محاكياً في ذلك الوظائف الحية، ويضعها في أوعية يأخذها إلى الطبيب ليعالج بها مرضاه.
نشأت فكرة الفيتامين حوالي سنة ١٩١٢ على اثر ملاحظات وتجارب عديدة قام بها الأطباء من ناحية وعلماء وظائف الأعضاء من ناحية أخرى، أدت إلى فكرة وجود مواد طبيعية في الأغذية وظيفتها حفظ التوازن الحيوي ودرء أمراض معينة.
أما ملاحظات الأطباء فقد كانت في الأمراض الآتية:
(١) - مرض البري بري:(لفظ من أصل سنغالي معناه الضعف) وهو مرض منتشر في شرق آسيا ويظهر على أحد شكلين: شكل يتميز بالشلل وضمور العضلات، وشكل يتميز