حرب مستمرة في الهند الصينية الفرنسية، وثورات عنيفة في تونس، وغضبة تحمل في ثنياها الدم والنار في مراكش والجزائر، وتيارات قومية تجتاح مدغشقر وممتلكات فرنسا الأفريقية، وأعباء عسكرية ترهق كاهل الميزانية الفرنسية الآن، وقد جاء البعث الألماني بظله المخيف على حدود فرنسا، وضائقات اقتصادية زعزعت كيان (الفرنك) وأخلت بميزان فرنسا التجاري والنقدي، فزادت من حدة التوتر الداخلي بين هذه الأحزاب السياسية الكثيرة التي تؤلف البرلمان الفرنسي وتجعل الوزارة الفرنسية أضحوكة الأندية والمحافل السياسية. ويعجبني هذا العنوان الفكه الذي صدرت به إحدى الجرائد الدنمركية أنباء القلاقل في تونس في الآنه التي سقطة بها الوزارة الفرنسية سقطات متتابعة خلال بضعة أسابيع، فقد كان العنوان على النحو التالي:
تونس تشتكي من أن الحالة الداخلية في فرنسا متوترة
هذه المشكلات والأزمات والضائقات التي تواجه فرنسا اليوم، تدفع المرء إلى أن يتساءل: هل الإمبراطورية الفرنسية في طريق الزوال؟
لقد استمع الناس إلى المسيو شومان وزير خارجية فرنسا، يستجمع كل ما لديه من ظرف ولباقة فرنسية ويناشد الجمعية العامة لهيئة الأمم في جلسة باريس، بأن تتريث قليلاً قبل أن تدين فرنسا بالعبث بحقوق المراكشيين. ففي جعبة فرنسا خطوط جديدة لسياسة مثالية، لا لمراكش فحسب، بل لجميع هذه الشعوب التي تعيش في ظل العلم الفرنسي.
ثم أستمع الناس مؤخراً إلى مندوب فرنسا في مجلس الأمن يعد العرب والآسيويين الذين تبنوا قضية تونس في مجلس الأمن، بأن في حافظة وزارة الخارجية الفرنسية مشروعات مثالية لحل المشكلة التونسية. وكل ما تطلبه فرنسا فترة معقولة من الزمن، تعد فيه الأمر وتنشر على الناس ما أعدته من أسس جديدة لعلاقة فرنسا بالشعوب الآسيوية والأفريقية الخاضعة لها
وقد كان كاتب هذه السطور في إحدى جلسات مجلس الأمن الأخيرة الخاصة بتونس، يتحدث إلى صديق من أحد وفود أمريكا اللاتينية (وهي منطقة تربطها بفرنسا روابط