نحن اليوم أمام كتاب (وحي الرسالة) لحضرة الأستاذ أحمد حسن الزيات، وهو مختار من افتتاحيات (الرسالة) في ست سنين، ويقع في ثمانين وأربعمائة صفحة من القطع المتوسط، ويشتمل على نحو عشرين ومائة مقالة، فهو محصول غزير لا يستوعبه طلبة السنة التوجيهية إلا إذا أقبلوا عليه إقبال من يدرك ما فيه من معان وأغراض، وذلك ما نحاول تيسيره على الطلبة في هذا المقال الوجيز
الأسلوب
هو أسلوب كاتب يؤمن بأن الكتابة فن من الفنون، فهو لا يكتفي بشرح الغرض الذي يرمي إليه، وإنما يتجه عامداً متعمداً إلى تأدية المعنى تأدية جميلة توحي إلى القارئ فكرة العناية بالأسلوب الأنيق
والزيات يغرب في بعض الأحيان، ومعنى ذلك أنه يوشي كلامه بالألفاظ الغريبة من حين إلى حين ليحوّل تلك الألفاظ إلى الكلام المأنوس، وذلك منهج مقبول في إحياء المهجور من المفردات اللغوية، فلم تخلق تلك المفردات مهجورة، وإنما عاشت دهوراً ثم تناساها الكتاب والشعراء فأضيفت ظلماً إلى الغريب
والزيات لم يبتكر هذا المنهج بين أدباء العصر الحديث، فقد اختطه المرحوم الشيخ حمزة فتح الله والمرحوم السيد توفيق البكري ودعانا إليه أستاذنا الشيخ محمد المهدي، ولكن مزية الزيات هي القصد في الأغراب بحيث لا يقع منه في المقال الواحد غير لفظة أو لفظتين، وذلك يزيد ثروة القارئ من الوجهة اللغوية بدون أن يوقعه في العنت أو الارتباك
ويستطيع الطالب وهو يراجع (وحي الرسالة) أن يقيد هذا النوع من المفردات، فقد ينفعه ذلك يوم الامتحان، لأن إحياء تلك المفردات خصيصة أصيلة من خصائص هذا الكتاب. ولتوضيح هذه المسألة أذكر كلمة (الرّيازة) بمعنى العمارة، ثم أترك للطالب حرية