وأما أن قولنا (كنا أحياء نحيا) تكرار لا معنى له فهو خطأ يدركه من يدرك أن اللغة العربية لغة المفعول المطلق ولغة التوكيد بتكرار اللفظ والمعنى، وأن قولنا (كنا أحياء) غير قولنا (كنا أحياء)
وأما أن ترجمة بالعنان غريب فقد يكون صحيحاً لو كان هناك عنان حقيقي أو شعلة حقيقية؛ ولكنها حين تكون مجازاً لا غرابة فيها ولا سيما إذا كان المترجم لا يجهل أن معناها الشعلة كما ترجمها في السطر التالي حين قال:(وارفعوا الشعلة عالية)
ونحن نترجم إلى اللغة العربية، والعرب يعرفون الأخذ بالعنان حين يراد به الاستلام، ولا يعرفون رفع الشعلة ألا للذكر والذكرى والنضر من بعيد، كما يتحدثون عن العلم الذي في رأسه نار
وأما ذكر السنين فهو مفهوم بمعناه وإن لم يرد بلفظه، وإلا فما هو بقاء الشعلة إن لم يقصد بها البقاء طول السنين؟
ونصيحتي لصاحب الخطاب أن يتعلم قبل أن يتهجم، فذلك أنفع له وأسلم
وبعد، فخلاصة القول في الحرب والشعر أن نصيب الحادث من الشاعرية لا يقاس بالضخامة ولا يحسب بالعدد. فرب شاعر تناول حياة فرد واحد فصور منها فاجعة خالدة تعيش حين تنسى الحروب التي نشبت في زمانها، فربما مات فيها مئات الألوف
وقد تستغرق الحروب ما استغرقته الحروب الصليبية ولا يترك لنا معاصروها أثراً يضارع تلك القصيدة الواحدة التي تدور على حياة فرد واحد.