كنا نظن أن الآلهة ينعمون بالسعادة الكاملة، ولكننا مخطئون لأن فرعون حزين برغم أصله السماوي. . أجل فرعون حزين، لهذا خرج إلى السطح الكبير يستنشق نسيم الليل العليل ويلقي نظرة على السماء التي أخذت تتلألأ أمامه، وقد بدت نجومها تشاهد الملك العظيم الذي ملأ صيته أنحاء العالم ببأسه وجبروته. . ثم أخذت النجوم تتساءل: لماذا كان فرعون حزيناً؟ لماذا؟ أليس قادراً على كل شيء، ألم يشد لنفسه بالأمس رمسا فخما متينا يضمن له الحياة الثانية التي سيكون فيها كذلك عاهلا كبيرا لقرابته الوثيقة بالآلهة آمون وهوروس وشركائهما؟ لماذا إذن كان الملك حزيناً؟ قالت إحداهن متفلسفة: لأنه لم يعرف الحب؛ فتساءلت أخرى: وهل الحب على هذا القدر من الخطر؟ فأجابت الأولى: أجل! هو سر الوجود لذلك العالم الأزلي وتعزية أهله. . ولكنها لم تتم كلامها لأن نجما آخر قاطعها قائلا: وما صورة الحب! وما مادته قالت: ليست له صورة، وما هو بمادة. . لحسن حظ البشر، لأنه لو كان مادة لاكتنزه الناس كالذهب من زمان بعيد في خزائن بنك فرنسا أو بنك الاحتياطي الأمريكي. .
أجل! فرعون كان حزيناً لأنه لم يعرف الحب! لقد صدقت تلك النجمة في زعمها، لأن علاقته بمن حوله من الناس لم تكن إلا علاقة رسمية، بل كانت علاقة السيد بالخادم، أستغفر الله! بل علاقة الإله بالعبد! ما زوجه الملكة فهو يجلها ويقدرها ولكن لا يحبها لأن اقترانه بها فرض عليه فرضاً منذ الحادثة للدم الإلهي الذي يجري في عروقها. هي أيضاً. .
كم يود فرعون أن يجب! ولكن يحب من؟ انه يستعرض في مخيلته نساء القصر. . أجل! لقد وجد ضالته! سيحب تلك الجارية الآشورية الحسناء التي أرسلها إليه ملك أشور في جوار أخر - على سبيل الهدية تملقا لفرعون وطمعاً في كسب صداقته. . هي فتاة حسناء يذكر أنها لفتت أنظاره مرة وهو يجتاز إحدى ساحات القصر. . ولم يكد فرعون يدعوها حتى كانت الجارية بين يديه ساجدة ترتعد خوفا أمام العاهل الأكبر! ثم طلب منها فرعون أن تنهض من الأرض ففعلت وهي لا تعرف إن كانت في حلم أو في يقظة. . ثم تشجعت