للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

نسبة عرب الشمال إلى إسماعيل:

إلى الأستاذ أحمد محمد شاكر:

تذكر التوراة في الإصحاحين: الرابع والعشرين، والخامس والعشرين من سفر التكوين إن (هاجر) حينما فرت بابنها إسماعيل من (سارة) زوجة إبراهيم لجأت إلى بادية بئر السبع، وإن الماء الذي سقت منه ابنها إسماعيل كان في مكان بلدة بئر السبع التي سميت بذلك الاسم منذ زمن بعيد، وإنها زوجت ابنها من فتاة مصرية.

والذي نؤمن به، نحن المسلمين، إنها قد هربت به إلى الحجاز وإن الله قد فجر له ينبوعاً، هو ماء زمزم في مكة إلى آخر ما ورد من تفصيل في سيرة أبن هشام وجه ١٢٢ إلى ١٣٠ من الطبعة المصرية التي نقحها الأستاذ العلامة محمد محي الدين عبد الحميد، وفسر غامضها، وأنه قد أصهر لقبيلة جرهم العظيمة.

والشيء المعقول، في صلة غريب عن طريق النسب، لقبيلة عظيمة أن يذوب نسب هذا الغريب الطارئ في أنساب القبيلة وأن يمحى اسمه من الوجود.

والشيء الذي لا يعقل، أن يقبل العرب وهم الحريصون على أنسابهم أن ينتسبوا إلى الرجل الذي لجأ إليهم وبسطوا عليه جناح الحماية والرعاية، فيقال عنهم إنهم من نسل إسماعيل. ولم تذكر السيرة أنا طاعوناً جارفاً قد فتك بالقبائل العربية التي كانت تملأ الجزيرة وأماتها عن بكرة أبيها وترك للحياة الذين قد انحدروا من صلب إسماعيل فقط، وإنما نذكر قبائل جرهم وبكر وخزاعة وغيرهم وغيرهم مما لا يقع تحت العد.

والذي يتراءى، أن المؤرخين الذين كتبوا في التاريخ العربي قد استلهموا ذلك من آي الذكر الحكيم التي أشارت إلى هذا الحادث، ولم يكن لديهم دليل مادي على صحة هذه النسبة.

وعلى ضوء هذه الحقيقة لا يمت اليهود للعرب بصلة من الصلات وليسوا أبناء عمومة، وكل ما في الأمر أن لغتهم مجاورة للغة العربية في محيط متماثل تأثرنا به في فترة من الزمان.

أرجو أن يتفضل الأستاذ العلامة الجليل فيفيد قراء الرسالة من علمه وأدبه بما يجلو الحقيقة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>