كتب الأستاذ علي الطنطاوي في عدد سلف من (الرسالة) عن الحياة الأدبية في دمشق، وفي عدد آخر تكلم الأستاذ عبد الوهاب الأمين عن الحياة الأدبية في العراق، فكان من الإنصاف لإتمام الفائدة أن نتكلم عن الحياة الأدبية في لبنان
ظواهر الحركة الأدبية في لبنان راكدة كما في سوريا والعراق. فالصحافة الأدبية تكاد تكون معدومة، أما التأليف والنشر فتمر الأسابيع والأشهر دون أن تخرج المطابع كتابا نفيسا؛ وجمهور الشباب معرض عن المنتوجات الأدبية العربية - الواقع أن إقبال الشباب في الأقطار العربية على الثقافة الأجنبية (وان يكن نفخ روحاً جديداً في الأدب العربي) قد أضر كثيرا بالحركة الأدبية خصوصاً في لبنان. فشبابنا المثقف حائر بين الأدب الغربي (العالمي حقاً) والأدب العربي الناقص بازائه. يقبل على الأول لأنه يرضي ذوقه وثقافته، ويجذبه إلى الأدب العربي نوع من الشعور الوطني. في مصر والعراق وسوريا - وهي بلدان مسلمة - يتعلم الشبان القرآن منذ صغرهم فينشئون وفي نفوسهم ملكة عربية لا تستطيع الآداب الأجنبية أن تطغي عليها. وليس الأمر كذلك في لبنان. ولولا البكالورية اللبنانية التي توجب على الطلاب درس الأدب العربي لأهمله هذا النشء الجديد دون ما تبكيت
وقد كانت الحركة الأدبية عندنا في لبنان إلى الأمس القريب تنجلي بقصيدة رثاء أو مدح أو مقالة شكوى أو كتاب لا يتعدى موضوعه المبتذل الفارغ؛ ولكن من الإنصاف أن نقول إن البعض من أدبائنا نشروا كتباً لا بأس بها وإن كان لا يرضى عنها الذوق الأدبي السائد اليوم، ومن هؤلاء الأدباء أمين الريحاني صاحب (ملوك العرب - ابن سعود - فيصل الأول - قلب العراق)، وعمر الفاخوري صاحب (غاندي - أناتول فرانس)، ولبيب الرياشي وجميل بيهم، وميخائيل نعيمه مؤلف (المراحل - جبران)، وسلمى صائغ كاتبة (النسمات) ونظيره زين الدين مؤلفة (السفور والحجاب)
وقد أثر على النشاط الأدبي عندنا المجتمعات التي كانت تعقدها سيدات على جانب وافر من العلم والذكاء، وهذه المجتمعات تشبه في أكثر النواحي صالونات أديبات فرنسا في