مات إميل لودفيج في ١٨ من هذا العام بعد أن ترك ثروة أدبية في نوع فريد. ولودفيج من الكتاب الألمان القلائل الذين احتفظوا بسمعة عالمية بالرغم من الويلات والمصائب التي ألمت بالحياة الأدبية في نصف القرن الحالي في تلك البلاد التعسة.
وثروة لودفيج خليط من المقالات السياسية في قالب التراجم وفي المسرحيات السياسية والتاريخية والاجتماعية، وله كتاب من نوع فريد أرخ فيه تاريخ ثقافة في حياة نهر، فكتابه (النيل) يجمع بين الطرافة الأدبية والدقة التاريخية ولمحات من التحليل العميق للحضارات العتيقة والحديقة التي أوحى بها هذا النهر الأزلي. وقد أختار لودفيج تراجمه من الشخصيات المعقدة التي تحتاج إلى تعمق في الدراسة، لا بسبب ما بها من عقد نفسية فحسب، بل للظروف والملابسات التي أحاطت بها، وبالأدوار التي لعبتها في تاريخ الحضارة والانسانية. فكتبه عن السيد المسيح، وعن جوته وبيتهوفن وبسمارك أثارت مناقشات في الأوساط السياسية والأدبية والدينية معاً، وهذه من مزايا الأعمال الخالدة التي لا تنفرد بطابع التفكير الذي لا يتقيد بالمألوف ولا يجاري الاتجاهات التقليدية. وليست هذه الكلمة تحليلا لأعمال لودفيج ولا هي تعريفاً بإنتاجه الأدبي، وإنما هي عرض لحياة رجل من المثقفين الذين تركوا لمكتبة الأدب والتاريخ ثروة حافلة بالإبداع الفني والتعمق الفلسفي ولمحات صادقة من تطورالسلوك الفردي وتباينه في مراحل نمو العظماء والبارزين الذين جعلهممواضيع لآثاره الفنية.
ولد إميل لودفيج في برسلو بألمانيا عام ١٨٨١ ثم رحل إلى سويسرا وأصبح في سن الثانية والثلاثين مواطناً سويسرياً وأعلن أنه أختار سويسرا منفى له طواعية بعد أن أثار بعض الجدل في المحافل الأدبية والسياسية بسبب كتاباته عن بسمارك والعقلية الألمانية.
وكان والد لودفيج أستاذاً في جامعة برسلو، وهو يهودي أسمه هرمان كوهين اختار لأبنه أميل كنية غير يهودية ليدفع عنه أذى المعادين لليهود في ألمانيا.
والواقع أن يهودية لودفيج التي كان يفخر بها قد أفادته في حياته الأدبية إلى أبعد حد، فإن سيطرة اليهود في كل دولة أوربية وفي أمريكا الشمالية على ألسنة الرأي العام ودور النشر