للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأدب والفنّ في أسبوع

مواجهة الأزمات الفكرية:

ألقى الأستاذ محمد شفيق غربال بك وكيل وزارة المعارف، محاضرة موضوعها (مواجهة الأزمات الفكرية) في مساء الخميس الماضي بقاعة الدكتور عبد الحميد سعيد التذكارية بجمعية الشبان المسلمين.

قال الأستاذ المحاضر: إن الأزمات الفكرية ليست شراً، إنما الشر من عدم مواجهتها وإصلاحها؛ وهي تدل على اليقظة والحياة، لأن المجتمع الذي يتناسق في تفكيره مجتمع راكد. وقال إنني أريد أن أخرج الدعوات الحزبية السياسية من الأسباب المؤدية إلى الأزمات الفكرية، لأن هذه الدعوات، وإن أحدثت صخباً وجلية، ليست عميقة التأثير في التيارات الفكرية، وكذلك سعى طوائف من الناس لتحقيق مصالح عاجلة، فإن هذا النوع من القلق الفكري لا يعدو شعور طائفة بأنها مظلومة نتيجة لبطئ الأداة الحكومية وعدم سيرها على قواعد منتظمة، فتسلك هذا الطائفة مسلكا غير نظامي لنيل حقوقها، وهذه الظاهرة هي كذلك عمل وقتي قليل التأثير في الأزمات الفكرية. إنما تأتي هذه الأزمات من دعوة دينية أو اجتماعية، فدعوة الدين الجديد تؤدي إلى أزمات نفسية وصراع فكري بين الدعوة الجديدة وبين ما كان عليه الآباء من القديم. أما الدعوة الاجتماعية فكانت قديماً تقترن بالدين وبتتبع حوادث التاريخ يظهر أن كل دعوة إصلاحية لبست ثوب الدين. ومما يدل على الارتباط بين الدين والأفكار الاجتماعية ما يلاحظ في تاريخنا الإسلامي من اقتران الدعوة الشيعية في بعض البلاد بالفكرة الاجتماعية كثورة الزنج في العصر العباسي.

وفي العصر الحاضر لا يمكن القول بتمام الاتصال بين الدعوات الاجتماعية والدينية، فنحن نرى دعوات اجتماعية مادية لا تعبأ بالدين، وخطر هذه الدعوات أنها تجعل للمادة كل الأهمية دون اعتبار للروحية أو الدينية.

ثم قال: من الخطأ مواجهة هذه الدعوات الاجتماعية المادية الخطرة بالقمع والكبت، لأن القمع يؤدي إلى استفحالها والتمسك بها لاعتقاد أن للحاكمين مثلا مصلحة في محاربتها لظلم المحكومين، وكذلك من المواجهة المخطئة محاولة الاقتصار على التفنيد وبيان العيوب والأضرار، لأن الحجة تقارع الحجة، ولا يكون لذلك نتيجة حاسمة. أما المواجهة الحقة

<<  <  ج:
ص:  >  >>