للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القًصصُ

حازم. . .!

للأستاذ عدلي طاهر نور

- ١ -

- حنان!

- ماذا يا حازم؟

كانت حنان مستلقية على العشب تنظر إلى السماء بعينين حالمتين وقد شبكت يديها تحت رأسها لتتقي صلابة الأرض، وسقط شعرها الفاحم متدرجاً على ذراعيها الناصعتين والخضرة الناضرة فأكسب تآلف هذه الألوان وجهها جمالاً بارعاً، وكان حازم مضطجعاً على جانبه بالقرب منها يعبث بالعشب وعلى شفتيه ابتسامة الذكرى.

مالت حنان برأسها قليلاً لترد على نداء حازم بقولها: (ماذا يا حازم؟) فقال:

- هل تذكرين يوم تعارفنا، حينما قدمت إليك فظللت ممسكاً بيدك وقد بهرتني صورتك وأذهلني جمالك فلم يردني إلى صوابي غير تخضب وجهك وتهكم الأصدقاء؟ يا لها من لحظة لا أنساها! فقد تاه الطرف في صفاء تقاسيمك، لا يستقر على جمال حتى يجذبه جمال آخر. وهل تذكرين ذلك اليوم، حينما ابتعدنا عن الأصحاب فوق المقعد تحت الصفصاف؟ كم بقينا طويلاً في صمت عميق، هذا الصمت الذي يخدر الحواس وينشط المخيلة ولا يقطعه غير اختلاس النظر ليغذي الخيال. وتلك اللحظة، هل تذكرينها يا حنان؟ تلك اللحظة التي تقابلت فيها عينانا فحاول كل منا أن يحول نظره ولكنه ما استطاع. فقد شخص بصرانا وتخضب وجهانا من المفاجأة، ثم ابتسمنا فكانت الابتسامة إذناً بالكلام.

أغمضت حنان عينيها تستعيد الماضي وقد أشرق وجهها بنشوة الذكرى، وامتلأ صدرها بلذة الرؤية. وصمت حازم وعاد يعبث بالعشب ويستنشق النسيم المليء بالذكريات، وهاج قلبه بالحب فنطق يقول:

- لاشك يا حنان أن حبي لم يخف عليك. فكل ما فيّ ينبض بالعاطفة. ولكن هل تعلمين قدره؟ إن المرأة تأسر الرجل بجمال خلقها أو حسن خُلقها؛ وأنت يا حنان قد جمعت الجمال

<<  <  ج:
ص:  >  >>