[الفصول]
للأستاذ عبد الرحمن شكري
طيري أَمَانِيَّ النفوس وغَرِّدي ... فلقد دعاك الروض خير دعائهِ
هذى عيون للطبيعة قد رنت ... في الزهر من أكمامه وخِباَئهِ
بَسَطَ الربيعُ على الحياة رِدَاَءه ... يا ليتها أبداً تُرَى بردائه
بل ليته بُرْدٌ نَخيطُ على هوى ... هذى النفوس لكي تُرى بروائه
والشي لولا أن يَرُوَع بفقده ... ما شاق عند قدومه بلقائه
لا كالشتاء تزايلت أوراقه ... كتزايل المهجور عن قرنائه
تتناثر الأزهار عن أفنانه ... كتناثر اللذات من أهوائه
وتخال إذ دَلَفَ الشتاء كأنما ... ساق السنا بِدَبُورِه ورُخائه
هَرَبُ الضياء من السحاب وريحه ... هَرَب الكَعاَب من الهوى وقضائه
فر الخريف من الشتاء وخلفه ... عادٍ يريد لحاقه بجرائه
مثل المريض يفر من عادى الردى ... هيهات ذا والدهر من أعدائه
راع الشتاءُ بقُرِّه فكأنما ... أنفاس ثغر الموت قُرّ هوائه
والريح مثل فم الشتاء وصوتها ... شكوى العجوز يخاف من أبنائه
نَقِمَ العُقُوقَ فقام يشكو أمره ... للناس ينشد آسياً لبكائه
والأرض تنظر في فروج أديمها ... نظر الفقير إلى ثقوب ردائه
من بعد ما نفدت نفائس كنزه ... سَرَفاً وشح العيش بعد سخائه
وكأنما دجن الشتاء مُقَطِّباً ... ذكرى العجوز لزهوه وفَتاَئِهِ
وكأنما دوح الخمائل في الدجا ... نشوى شياطين انتشت بسقائه
شربت من الإظلام حتى أكثبت ... تبغي النهوض كَمُكْثِبٍ من دائه
في كل غصن في الظلام نواظر ... كنواظر للغيب خلف كِفاَئه
وكأنما دوح الظلام ثواكل ... لبست حداد الثُكلِ فعل نسائه
تحنو عليك غصونها فكأنما ... تبغي سرار السمع من إصغائه
والدوح يهفو كالمؤَرَّقِ في الكرى ... يلوي على الأفنان فضل كسائه