تتردد الأرواح في أفنانه ... كتنفس الرعديد في لأوائه
وكأن في إطراقها وسكونها ... فِكَرُ المصيخ لروحه وندائه
يا ليت بعض العمر تُقْطَعُ بيْدُهُ ... وَثْباً ويُمْهِلُ في سنِّى رخائه
كالسِّفْرِ تقرأ بَعْضَهُ مُتَرَيِّثاً ... جذلاً وتطوي بعضه لهرائه
أوليت حادي الأرض يعكس سيرها ... عن بعض دورتها بوقع حدائه
أوليت هذا الدهر عقرب ساعة ... يَلْوِي به عن نحسه وشقائه
آمال أمس كزهرة قد صَوَّحَتْ ... عود الربيع مُجَدِّدٌ لرجائه
يا نفس لا تأْسَيْ لعمر قد مضى ... بربيعه زمن أتى بشتائه
تَتَشَوَّفين إلى قديم عهوده ... نَظَرَ الغريق إلى السُّهَى وسمائه
بُشْرَاكِ خلف الموت لو تردينه ... نبت الربيع يروق في غلوائه
كالطير بعد الصيف تترك عشها ... نحو الجنوب ترود أرض ثوائه
عطف النسيم على الأزهر هامساً ... أَنَّ الربيع سعى إلى ندمائه
أَنَّ الربيع أخا الصبيحة مُقْبلٌ ... إقبال وجه الحِبِّ في لألائه
كالظئر بَشَّرَت النَّؤُومَ بأَنْ بدا ... فجرٌ لِعِبدٍ كان قيد رجائه
والقلب مثل الطير في وَضَح الضُّحَى ... يتلو على الإصباح آي غنائه
وكأنما أُمُّ الخلائق دوحة ... من قبل آدم فهي من قربائه
تشدو كشدو الأم ناح وليدها ... تنحو عليه لصونه ووقائه
والريح طير شاد في أفنانها ... وكرا كأن الزهر من أبنائه
وكأنها أجنحة الملائك نسمها ... نسم يطب برفقه وصفائه
وكأن ينبوع الحياة غديرها ... خُلْدُ الصِّباَ في جرعة من مائه
والقلب مثل النهر باشَرَ ماَءهُ ... جسم الحبيب تراه في سودائه
أَهْوَاك يا روح الربيع فَهَيِّئيِ ... جسماً كجسم الغيد في لألائه
ثم اخطري بين الخمائل في الضحى ... رقص المدِلِّ بحسنه وبهائه
فلعل في قبلات ثغرك برء ما ... أَعْيا الأنام بحُكْمهِ وقضائه
أرد الخلود بقبلة وبضمة ... تروى ظماء الخلد من لمائه