والزهر يبعث بالطيور إلى الضحى ... تُفْضي إلى الآفاق من أنبائه
الأَرض أم للخلائق كلهم ... والشمس بَعلٌ شاقها بفَتاَئه
فالناس والأَطيار في وَضَح الضحى ... والزهر في الأَكمام من أبنائه
النار والأَمواه من آبائنا ... والنار والأَمواه من آبائه
يهنيك يا دوح الخميلة بعده ... نسيان نيسان وطيب هوائه
تنسى الربيع كأَنه ما زفه ... نغم البلابل في مثير حِدَائه
لا تمنع المشتاةُ عَوْدَ زهورِه ... وأَريج نسمته وحَلْىِ كسائه
يا ليت طيب العمر يُنْسى وِرْدُهُ ... فأبيتُ مثلك لا أحن لمائه
لكنَّ طيب العمر ليس بعائد ... لأخي صَدًى يُظْميه صَوْبُ بكائه
وترى كحالات النفوس تغيرا ... في روضه وسمائه ونِهائه
فكأنما للكون روح خُلْقُه ... يبدو لنا في غيمه وضيائه
تتغير الأَشياء فوق وجوهه ... لتغير الأشجان في حَوْباَئه
من لي بأجنحة الزمان أهيضها ... كي لا يطير بصفوه ورخائه
أَوْليته الغَرِدُ الحبيسُ أُقيمُهُ ... كيما أُرَاح لشدوه وغنائه
كي يذكر العهد الأَنيق وأوجهاً ... كانت تُطِلُّ على وذيلة مائه
خلع الجمال قناعة وسعى إلى ... عُشَّاقِهِ وعُفاَتِهِ وظِماَئِهِ
والمرء لولاً صيفه وربيعه ... ما ذاق حُلْمَ السعد في لأوائه
والروض باب للجِناَنِ وثغرة ... منها ترى الفردوس خلف فنائه
وكأَنما صبغ الأزاهرَ صابغٌ ... فتكاد تأخذ منه إثر طلائه
والضوءُ غُدْرَانٌ ترقرق تْبرُهاَ ... وأراق منها الأَفْقُ فَضْلَ إنائه
واللونُ شِعرٌ للطبيعة وقعه ... في العين وقع اللحن في سودائه
شهد الشتاء بأن أُفْقَ سمائه ... أدنى إلينا من قَصيِّ فضائه
والنفس تعظم في الربيع كأنها ... في زهره ونَسِيمه وصفائه
والضوء خمر للنفوس ونشوة ... ودم الحياة يشام في أثنائه
والأرض كالحسناء قُدَّ قميصُها ... فبدت محاسن جسمها وَوَضَائِه