للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[امرأتان عظيمتان من دولة المغول]

للدكتور محمد بهجت

(بقية ما نشر في العدد الماضي)

وأما (ممتاز الزمان) أو (ممتاز محل)، وأسمها الأصلي أرجومان بانو بيجم ففارسية الأصل أيضا. ولدت عام ١٥٩٤م أبوها عبد الحسن بن اعتماد الدولة الذي عرف فيما بعد باسم (آصف خان). التحق في صباه بخدمة (أكبر) وبلغ مركزا في عهد أبنه (جاهان جير) ثم أرفع مركز وهو رئيس وزراء الإمبراطورية، ومستشار الإمبراطور، ومندوبه في مفاوضاته الدبلوماتية، وحامل لقب يمين الدولة - في عهد (شاه جاهان) وقد رأينا فيما سبق كيف ساعد هذا الرجل (شاه جاهان) على اعتلاء العرش، وكيف أصبحت أبنته (ممتاز محل) إمبراطورة من بعد عمتها (نور جاهان)

تزوجت ممتاز الأمير (كرام) عام ١٦١٢م وعمرها إذ ذاك ثمانية عشر عاما. أما هو فكان يكبرها بأربع سنوات. فأحب كل منهما الآخر حبا عميقا، صادقا قويا لم ير التاريخ مثله رافقته في جميع غزواته، وقاسمته التشريد والحرمان، وذاقت معه حلاوة النصر ومرارة الهزيمة ولا سيما في أواخر عهد أبيه، فكانت بحق الزوجة المثالية، وكانت نعم الصديق والمرشد.

كانت ملكة جمال عصرها حتى لقد سماها بعض المؤرخين فينوس الشرق. ويظهر أن جمالها كانة ينطوي على رقة متناهية وأنوثة جارفة، وروح عذبة وادعة، وسريرة صافية نقية، وطبع هادئ وخلق رزين، وبذلك بزت عمتها التي اتسمت بالمكر والدهاء، وبالفروسية وغيرها مما يغلب في طبائع الرجال. ومع هذا الجمال الهادئ الوادع حباها الله عقلا راجحا، ورأيا صائبا، وقريحة وقادة، وذكاء نادرا في غير خبث أو دهاء. وما كان زوجها الإمبراطور يبت في شأن من شؤون الدولة الهامة إلا بعد أن يستشيرها، ولا يقدم على أمر جسيم إلا بعد الاستئناس برأيها وظلت حاملة لخاتم الملك مدة طويلة إلى أن نزلت عن تلك الوظيفة لأبيها، ومع ذلك فإن الدور الذي لعبته في سياسة ومصاير الإمبراطور لم يكن بارزا قويا ضخما مثل دور (نور جهان).

وكانت مثل عمتها سخية كريمة إلى أبعد حدود السخاء والكرم، لم تبغ من وراء ذلك شهرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>