للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قصة المكروب]

كيف كشفه رجاله

ترجمة الدكتور أحمد زكي

مدير مصلحة الكيمياء

- ٣ -

إن العلم يجب أن يكون حراً طليقاً يبحث في العالم المجهول حيث شاء وأين يقع. هكذا تقول أنت، وهكذا كنت أقول يا سيدي، ومن أجل جهري بهذا الرأي وإعلاني إياه بصوت غير خافت ساء ما بيني وبين قوم ذوي نباهة وسلطان. كلانا مخطئ يا صحابي في زعمه! وشاهدنا إسميث الذي نحن بصدده. بدأ عمله مستمتعاً بحرية لا تزيد إلا قليلاً على حرية كاتب حكومي صغير، ووجب عليه ألا يبحث إلا في أشياء يمليها عليه الدكتور سلمون، وهذا بدوره إنما استخدم ليوجه إسميث إلى حل معضلات أعجزت المزارعين وأرباب المواشي. فالثلاثة جميعهم - سلمون وكلبورن وإسميث، وكذلك إسكندر، وليس بنا عنه غنى - كل هؤلاء دفعت السلطات إليهم أجورهم كما تدفعها إلى فرقة المطافئ، وانتظرت منهم مثل الذي تنتظره من فرقة المطافئ: أن ينهضوا كرجال الحريق كلما اشتعلت عدوى المرض في الخنازير والعجول والثيران والخرفان فيوجه إليها خراطيمهم فيندفع منها العلم اندفاعاً حتى تنطفئ فيعود البرء والسلام إليها. وكان أصحاب الماشية في هذا الوقت قلقين قلقاً شديداً من جراء مرض غريب يدعى بحمى تكساس.

كانت الأقطار الجنوبية تستورد أبقاراً من الشمال، فتساق هذه الأبقار السليمة من القطر الحديدية إلى المراعي فتنساب فيها فتختلط بأبقار الجنوب وهي جد سليمة، فيمضى الشهر أو الشهران على خير، ثم فجأة تظهر الوافدة الخبيثة في هذه الأبقار الشمالية الجميلة فلا تلبث أن تعاف الطعام، ويصيبها الهزال فتفقد في اليوم الواحد أرطالاً من وزنها، ويجري بولها أحمر غريباً، وتقف حائرة متقوسة الظهر حزينة العين، ثم لا تمضي أيام قليلة حتى تكون كل بقرة قد سقطت سقطة الإعياء، ثم ترقد على الأرض رقدة الموت، وقد تصلبت أرجلها، واستترت بجسومها الباردة المديدة أرض الحقول. وحدثت هذه المأساة عينها عندما

<<  <  ج:
ص:  >  >>