[شجرة الذكرى]
للأستاذ محمود الخفيف
وَيْحَ مَن شَجَّت يداه الشجَرَه ... وطوت أغْصَانَها المزدَهِرَه
ويح من أهْوَى بفَأسٍ لا تني ... تَركتْ أشلاََءها منتثِرَه
قَطَعَتْهَا سَرْحةً طَيَّبَةً ... تَبْسُطُ الظلَّ وتؤتي الثَّمَرَه
جِئتُ والصَّيفُ على أهبته ... ويَدُ الدُّنيا تُعَفّى أثَرَه
والخريفُ السَّمْحُ في أعقابه ... يَتَقَصَّى في هُدُوءٍ خَبَرَه
يَسْأَلُ القَرْيَةَ عما أدَّخَرَت ... لليالي المُرَّةِ المُعْتَكِرَه
لا يَرَى غَيْرَ فُتورٍ سَابِغٍ ... في نواحِيها وصَمْتٍ حَيَّرَه
أتُراها لَمَحَتْ فيِ بُرْدِهِ ... شَبَحّا لِلْكُدْرَةِ الُمنتظَرَه؟
أم تُرَى أذْهَلَهَا ما مَسَّها ... من لظًى كانَتْ بها مُسْتعِرَه؟
جِئتُ كالحاجِّ وفي مُهْجَتِهِ ... فَرْحَةُ الناسِكِ يقضِى وَطرَه
طفْتُ بالقرية من أركانها ... كل حُسْنٍ أَتَمَلّى صُوَرَه
أتَقَرَّى أينما سِرْتُ يَدَ الدَّهْ ... رِ وأحصى من قَرِيبٍ غِيَرَه
كُلّمَا أبْصَرَ طَرْفِى لِلْبلَى ... أثَرًا دبَّ إِلَيْهَا كَدَّرَه
وإذا أبْصَرَ فِيهَا طَارِفاً ... زادهُ العَيْشُ عليها أنْكَرَه!
كًلّ مَا غَيَّرَ من صُورَتِهاَ ... كَمْ تَمَنَّى عِنْدَهُ لو لم يَرَه!
مِلْتُ لِلْبسُتْانِ في أطرافها ... مَلْعَبٌ ما كان أحلى مَنْظَرَه
فَتَوَقَّفْتُ لَدى مَدْخَلِهِ ... وتَلَفَّتُّ أُرِيدُ الشَّجَرَه
لم أجِدْ غيْرَ فَضَاءٍ بَلْقَعٍ ... وَبَقَايَا أَغْصُنٍ مُنْتَشِرَه
شَدَّ ما أوْجَعَ نَفْسِي أن أرى ... ذلك المنظَرَ أو أن أذْكُرَه
مَنْظَرٌ ما يَبْعَثُهُ ... من أسًى كُلُّ فؤادٍ خَبَرَه
طاف بالبستان مِنهُ وَحْشَةٌ ... فتَرَى الدَّوْحَ عَلَيها غَبَرَه
وترى الأطْيَارَ في أنحائه ... سَاهِماَتٍ ساَءها ما غَيَّرَه!
سَرْحَةٌ كُنَّا نرى أيَّامَنَا ... من جديدٍ عندها مُخْضَوْضِرَه