(القيثارة الخالدة التي غنت أروع أناشيد الجمال والحرية
ولخيال. . .)
للأستاذ محمود الخفيف
في ميدان السياسة:
نفض ملتن يديه من الخصومات، ولبث يترقب أنباء الحرب، وإن الحنين إلى الشعر ليزداد في نفسه يوما عن يوم، حتى ليكاد يجزم أنه عائد إليه عما قريب وجاعل همه كله إليه، كما كان أمره قيل أن ينصرف عنه سنة ١٦٤١ إلى الحرب التي أوقد نارها على القساوسة معتقداً أنها كانت مما يقضي به عليه الواجب نحو وطنه في ذلك الوقت.
ولكن حديث السياسة يشغل باله ويستأثر بفكرة أحياناً على الرغم من حنينه إلى الشعر، حتى ليحسب أصحابها أنها هي اليوم كل همه، ولذلك يحاورون في أمره: أكان إلى الشعر يومئذ أم كان إلى السياسة ميله؟ ولقد نظم مقطوعة سنة ١٦٤٨ يمجد بها القائد الظافر فيرفاكس، ومنها يتبين القارئ شدة اهتمامه في ذلك الوقت بالسياسة والحرب، وقوة تحمسه لقضية البرلمان. قال ملتن:(أي فيرفاكس، يا من يجلجل اسمك كجندي في أنحاء أوربا جميعاً، فيملا كل فم بالحقد أو بالثناء عليك، ويملا الملوك الحاقدين جميعاً عجباً منك، ويرسل الشائعات المدوية فتخفيف أقصى الملوك موطناً. إن بسالتك الوطيدة التي لا تتزعزع لن تزال تأتي لوطنك بالنصر، ولو أن ثائرين جددا يرفعون رؤوسهم الشبيهة برأس الهيدرا، والتمثال الخؤون يعلن ما نقض من عهد ليريش أجنحتهم الخاتلة، وان عملا أجل مما فعلت لا يزال يرجى على يديك حتى يتحرر الصدق والحق من ربقة العنف، ويتخلص الإيمان العام بالعدالة مما اتسمت به الحياة من سمة مخجلة هي التدليس العام، إلا أن الحمية لتنزف الدم عبثاً، بينما نرى الجشع والسطو يقتسمان الأرض).
الحق إنه لم يكن لملتن مندوحة على السياسة وأنبائها، حتى لو أنه حاول بكل ما في وسعه أن يتجنبها ما استطاع، ومهما يكن من شدة حنينه إلى الشعر وعظم رغبته في أن يعود