[الغرام الجديد]
للدكتور زكي مبارك
أخي الأستاذ الزيات:
تفضلت فسألت مرة أو مرتين أو مرات عن سبب احتجابي عن قراء الرسالة، وكانت حجتي في الاعتذار أن كتاب (ليلى المريضة في العراق) لم يُبق من قواي ما أصلح معه لمقابلة الناس في جِدٍ أو مزاح، وقد تلطفت فقبلت عذر أخيك، وصفحت عن تقصيره إلى حين
فما رأيك إذا حدثتك بأني كنت في نشوة شعرية لم أصح منها إلا اليوم؟
كنت يا صديقي مشغولاً بنظم قصيدة (الغرام الجديد) وهي تقع في مائة بيت، وذلك الغرام هو يا صديقي نفحة من نفحات القاهرة في مطلع الربيع. هو ثورة وجدانية تعتاد من يفيق من غفوة القلب حين يتنسم أرواح الأزاهير على ضفاف النيل
أعاذني الله وإياك من غفوة العواطف، وحماني وإياك من الغفلة عن تنادي القلوب!
يا قلبُ هذا نعيمٌ ... من الصفاء وليد
يا قلب هذا سعيرٌ ... من الغرام جديد
لقِيتُه وفؤادي ... غافٍ قَريرُ السرائر
فعدتُ أحيا بروحٍ ... مشرّد الأنس حائر
مَن مُخبري عن نصيبي ... من ظلّ هذا النعيم؟
من مخبري عن مصيري ... في لفح هذا الجحيم؟
كيف انتهينا؟ أجبني ... يا قلب كيف انتهينا؟
أللنعيم وصلنا؟ ... أم في الجحيم ثوينا؟
وبالوصال اصطباحُكْ ... يا قلبُ أم بالصدود؟
وبالسهاد اغتباقك ... يا قلب أم بالهجود؟
يا قلبُ طالت شكاتُكْ ... من الخدود الأسيلة
فكيف تُرجَى نجاتُك ... من العيون الكحيلة؟
أحبُّ نور الضلال ... في ضافيات الغدائر