بقروش فوق الستين اشتريتك يا ديكي العزيز، بعد بحث طويل عنك في الأسواق. وما أكثر الديكة من إخوانك أيها الديك، ولكن قليلاً منهم ما يشبهك. وأين من الديكة جمال ريشك، وطول عُرفك، وثقل وزنك، وخفة روحك؟ صفات ما اجتمعت قبلك في ديك. فأنت الذي كنت أبحث عنه في الأسواق بذاته وعينه وخصوصيته، حتى عثرت بك!
وعنيت بأمرك يا ديكي كل العناية؛ فأفردت لك جناحاً خاصاً تسرح فيه وتمرح، فتنفش ريشك الأخضر الجميل، وتخفق بجناحك الزاهي الممدود، وتدلي عرفك الأحمر الطويل، وتكركر بصوتك الموسيقي الصادح: كُر كُر كُرْ. . . . . . .
بيدي كنت أقدم إليك الطعام في الأطباق الصيني في وجبات منتظمة الميعاد، شهية المذاق، مغذية سائغة، استعداداً ليومك المعهود بعد ثلاثة أسابيع، يومَ تُزَفُّ في الصحفة الكبيرة، لتكون عشاء العروسين في ليلة الزفاف. أيّ شرف كنت أُعدّ لك أيها الديك؟ ولكن. . .
ليت شعري ماذا أصابك أيها الديك. . .؟ لقد كنت في زيارتك أمس بعد الغروب ورأيتك وأنت تقفز بخفتك ونشاطك إلى العريش الذي اتخذته لك بيتاً عندما يجن الظلام. . . ويلي منكم يا معشر الديكة! لا يفارقكم الزهو والخيلاء: ففي النهار كرٌّ وفرّ وعُجْبٌ وكبرياء، وفي الليل لا يرضيك أن يمس جنبيك التراب فتأبى إلا العلاء. . .؟ بَلَى، رأيتك أمس يا ديكي في خفتك ونشاطك، وعافيتك وصحتك، وحوصلتك مملوءة، وعرفك ريان؛ فماذا دهاك في الصباح يا ديك؟
يا أسفاه وقد غدوت عليك لأقدم إليك الفطور بيميني فإذا أنت جثة هامدة، ملقى على الأرض، معفر بالتراب، تحت السرير الذي ارتقيته أمس مزهواً أمام عيني!
لقد أحزنني مرآك يا ديك على هذه الحال، وبجوارك ذلك الكلب الصغير (بيتر) الذي أصفاك الود منذ حللت الدار!
ما بك من جرح أيها الديك يُظن أن صديقك الأمين قد أحدثه بك في ثورة طيش، وما بك