في سنة ١٩٤٦ شهد أمام لجنة التحقيق الانجلو - أمريكية أستاذ يهودي هو البرفسور فرانك توتستين رئيس دائرة علم السكان (ديموغرافيا) في جامعة برنستون الأمريكية الشهيرة عن مستقبل الكيان اليهودي في فلسطين من الناحية العلمية الصرف وعلى ضوء مشاكل السكان. وكانت خلاصة تحقيقاته وتحليلاته المعززة بالأرقام والدراسات الإحصائية تفيد أن تزايد السكان العرب في فلسطين هو أكبر خطر يهدد مطالع اليهود فيها وصرح نونستين بما يلي بالحرف الواحد:
(إن من الصعب جداً أن يتصور المرء الظروف التي يستطيع اليهود أن يصبحوا فيها أكثرية في فلسطين. فإن العرب (ونسبة تزايد السكان بينهم بفلسطين أعلى نسبة في العالم على الإطلاق) حائزون لجميع الإمكانيات الطبيعية والاجتماعية لأن يحتفظوا بهذه النسبة المرتفعة. ومهما يكن عدد اليهود المتدفقين على فلسطين كبيراً فإن مقدرة الزراعة والصناعة اليهودية على استيعابهم ستظل محدودة مقيدة بعوامل اقتصادية واجتماعية، منها الرغبة في الاحتفاظ بمستوى للمعيشة مرتفع، ونزعة اليهود الأوربيين لتجديد نسلهم بولد أواثنين، وطبيعة الاشتراكية التي تجعل اليهودي في فلسطين غير ميال إلى بناء عائلي كبير. وهذا عكس ما ينزع إليه العربي
وحتى لو تسنى لليهود أن ينشئوا لهم دولة فإن من المستبعد أن يستطيعوا الاحتفاظ بالسيادة السياسية في كل فلسطين أوفي جزء منها، بسبب هذا التزايد الهائل بين السكان العرب. وحتى لو عززت اليهود دولة أو دول خارجية كبرى فإن هناك عوامل طبيعية واجتماعية ديمغرافية (بالإضافة إلى العوامل السياسية والاقتصادية) تجعل تزايد السكان بين العرب أكبر خطر حقيقي يواجه مطامع اليهود في فلسطين.
وعلى ضوء هذه الحقائق فإن أكبر الظن أن حماسة اليهود ونشاطهم والجهد والمال والتضحية الإجماعية التي بذلوها لبناء الدولة اليهودية، وجعلها دولة حديثة مزدهرة ستذهب سدى.
وسيجد اليهود أنفسهم بحكم هذه العوامل الديمغرافية عاجزين عن تحقيق التفوق العددي