ألقى العلامة الأستاذ الدكتور شايدل أستاذ الأثريات المصرية بجامعة لايبزج محاضرة شائقة في متحف الجامعة على الآداب والشعر عند الفراعنة، فذكر أن الفراعنة فضلاً عما تركوا لنا من النقوش وأوراق البردي الأثرية الفياضة بالمعلومات التاريخية والقضائية والطبية، قد تركوا لنا تراثاً أدبياً بمعنى الكلمة؛ فمن ذلك باب القصص الخرافي، وقد ترك الفراعنة لنا منه نوعاً معروفاً هو القصص المتعلق بدخول اللصوص إلى خرف الكنوز الملكية ومن إحدى هذه القصص اقتبس الشاعر الألماني بلاتن مسرحيته المشهورة:(كنز رامسنيت)، وهناك نوع آخر من القصص النثري يتعلق بتواريخ الملوك وسير الآلهة، وتمجيد الحوادث التاريخية الهامة. أما الشعر الغنائي فانه يتمثل في الأناشيد الدينية الحماسية والتوسل إلى القوة العليا. ومن أناشيد الحب التي تمثلها أنشودة سالومنيس. وقد وجدت على جدران القبور أغنية عمال، ومنها أنشودة شهيرة تجري على لسان الذين يحملون الهودج ويختتمونها بطلب العطية. على أننا نجد اعظم ثروة أدبية للفراعنة في كتب الموتى التي توضع في التابوت إلى جانب الموتى، ففيها أقوال ومواعظ أخلاقية، وفيها أحاديث الحكمة التي تشرح للناس كل شؤون الحياة، وتصرف الإنسان إزاء الضيف، وإزاء المستجير، وعلاقة الزوجين وواجباتهما. وفي هذه الأحاديث نجد الأدلة على سمو تفكير المصريين القدماء. ومما هو جدير بالذكر أن الشعر عند الفراعنة لم يصدر عن لسان شاعر بعينه، ولكنه صادر عن مجموعة الشعب وباسم الشعب.
العلم والدين
كانت العلاقة بين العلم والدين وما تزال من أهم المسائل التي تشغل الذهن البشري في كل عصر وقطر؛ وقد كان لها في تفكيرنا العربي نصيب وافر، ولابن رشد الفيلسوف في ذلك رسالة شهيرة. على إنها اتخذت في العصر الحديث صورة نضال عنيف بين الدين والعلم على أثر الاكتشافات البيولوجية والطبية الحديثة التي قام بها علماء مثل داروين ولامارك في أصول الأنواع وغيرها. وأنكر بعض العلماء الأقطاب مثل باستور أن يكون بين العلم والدين اتصال أو اتفاق. ورأى مفكرون من الغلاة مثل الفيلسوف مكس نرداو أن العلم يهدم