[صوت المتنبي]
مهداة إلى الجامعة المصرية بمناسبة (أسبوع المتنبي) فيها
للشاعر الحضرمي علي أحمد باكثير
من الملأ العُلْوي، من عالم الخلد ... أُهِلُّ عليكم بالتحيات والحمد!
تقحّمت حُجب الغيب حتى أتيتكم ... لأجزيكم عن بعض إحسانكم عندي
قطعتُ حدودَ (الأين) في متطاولٍ ... مِن اللوح يفنى البعدُ فيه من البعد!
كأن الفضاء اللانهائي سائرٌ ... على كُرَةٍ لا حد فيها سوى حدي
إذا ما ركضت السير في فلواته ... تشابه ما قبلي عليَّ وما بعدي!
إلى أن تجاوزت النجوم جواذباً ... إليهنَّ عِطفي، غير أن لسن من قصدي!
يناشدنني - والنُّور ثَمَّ لسانُها - ... لأُنشِدها شعري، وأُصفيها ودي
ولو لم تكن (مصرٌ) و (جلَّقٌ) الهوى ... و (بغداد) لم أبخل عليها بما عندي
معانِ قضى فيها الشباب مآربي ... وسلَّت بها كُبرى العزائم إفرِ لدي
وأمليتُ في الدهر غرَّ قصائدي ... فغنى بها الأجيالَ في السهل والنجد
قطعت حدود (الأين) حتى أتيتكم ... فمن (لمتى) ما بيننا قام كالسَّدِّ؟
أجل؛ ألف عام حال بيني وبينكم ... فلولا سبقتم، أو تأخر بي عهدي!
سعدتُ بلقياكم وفزتم برؤيتي ... لو أن يد المقدار ألغته في العدّ!
ألا فتزحزح يا زمان! لشاعر ... يريد فلا تقوى الجبال على صدي
أغرك أنَّ الأرض قد شربت دمي؟ ... وانَّ عيون الشُّهب قد شهدت لحدي؟
رويدك! قد خلدتُ في الشعر محضَهُ ... ولم يبق منه للتراب سوى الدُّردي!
فها هو في الأجيال ينساب صافيا ... إلى ابنٍ. . إلى ابنٍ. . من أبيه. . من الجد
يزيد على الأيام كالخمر سورةً ... لو أنَّ حُميَّا الخمر تَهدى كما يَهدي
أنا الخالد الساري بأعصاب شَعبه ... وما شعبُه بالنَّزْر أو ضَرِعِ الخدّ
بني مصر! أنفاس الخلود عليكم! ... ونشرُ الخزامى والرياحين والورد!
سبقتم إلى تكريم ذكراي غيركم ... وقِدماً سبقتم للمكارم والمجد!
رأيت (بلاد الضاد) عقداً منظما ... ولكنَّ (مصراً) فيه واسطةُ العقد