للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كل يوم لنا عتاب جديد]

للدكتور زكي مبارك

قرأت كلمة الأخ الكريم الأستاذ دريني خشبة فرأيته يصرح بأني خاصمت الرسالة وخاصمت الأستاذ الزيات، لأنهما أطلقا العنان لحرية النشر وحرية الفكر وحرية المجادلة، فهل يكون معنى هذا أني أحارب تلك الحريات، وأني أبغض من يتعرضون لنقد ما يصدر عن قلمي؟

لا شئ من ذلك، فهذا الأخ يعرف مبلغ حبي لحرية الرأي، وإنما أراد أن يتلطف فيدعوني إلى الصلح بذلك الأسلوب الرقيق، ولعله لو انتظر أياماً لرأى كيف يسعى الأستاذ الزيات إلى أو أسعى إليه، فبيننا أواصر أخوية لا يزلزلها خصام ولا قتال، ونحن أعقل من أن نختصم بصورة لا ينفع معها صلح، فالعقل الذي يوحي بمجاملة الأعداء رغبة في تحويلهم إلى أصدقاء، لا يقبل أبداً محاربة الأصدقاء ليحولهم إلى أعداء

والدنيا لا تسمح في كل يوم بخلق صداقة كالصداقة التي بيني وبين الأستاذ الزيات، ولعلها لن تسمح أبداً، فقد تبدلت الدنيا من حال إلى أحوال، حتى كادت تصير الصداقة الصحيحة من ضروب المحال

وما بيني وبين الأستاذ الزيات من الوداد تعرض لمكاره كثيرة، فقد كان لنا في كل يوم عتاب جديد، وكان حين يتعب مني يقول: كيف أستطيع أن أصلح ما بينك وبين الناس ولا أستطيع أن أصلح ما بينك وبيني!

والخصومة الأخيرة لم تكن مما يحب، لأنها وقعت بعد صلح شهده أبنائي قبل أسبوعين اثنين، ولهذا قال وهو يعاتب: ما الذي سيقول أبناؤك؟

وكان الجواب حاضراً، ولكني لم أجب، ولو أني أجبت لقلت: إن أبنائي تعجبوا من أن يسمح الأستاذ الزيات بنشر كلام يزعم كاتبه أني أحارب القرآن، وأحارب الدين، مع أنهم يرون في كل يوم أني أدعوهم إلى المحافظة على الصلوات

وكنت أستطيع أن أقول للأستاذ الزيات: وما الذي تقول أنت إن عاتبك ضميرك وأنت تعرف أني أديت للإسلام خدمات لن يؤدي بعضها من يتهمونني في إسلامي؟

ولكني لم أقل شيئاً، وتركت الأستاذ الزيات ينشر سلسلة من المقالات لرجل حاقد شوى قلبه

<<  <  ج:
ص:  >  >>