الحقد عشرين عاماً أو تزيد، وقد قدمت للأستاذ الزيات ردين فطواهما عن عمد، لأنه رآني أحاسبه ولا أحاسب ذلك الحقود، فكيف رغب الأستاذ الزيات في أن ينجو من حسابي، وهو حساب يحمل أنفاس العتاب؟
وما الذي يقع إن طوى الأستاذ الزيات هذا الرد أيضاً ليصورني أمام قرائه بصورة من يأبى الصلح؟
لن يقع شئ، فقد كتبت عشرين رداً، ثم مزقتها جميعاً، رعاية للمودة الغالية التي تفيأنا ظلالها عدداً من السنين. . . وللأستاذ الزيات أن ينسى أني عرفته أو عرفني، فأنا نفسي تناسيت فنسيت، ولم يعد بيني وبين الرسالة من صلة غير متابعة ما ينشر فيها من الأبحاث الجياد
كان رأيي أن معاونة الرسالة فريضة على كل مصري، لأنها صوت مصر في الشرق، ولم يقع ما يغير هذا الرأي، فالرسالة باقية بإذن الله، وسأعاونها ما حييت، وسأتذكر في كل وقت أنها كانت لقلمي أجمل ميدان، وأرحب ميدان
والله عز شأنه هو الذي أراد أن يقع ما وقع، فما كان يخطر في بالي أن لقراء الرسالة نحو كتابها عواطف تصل إلى حد العشق، ولا كنت أتوهم أنني سأتلقى في كل يوم خطابات من قرائي في مصر والشام والعراق، خطابات كلها أسف على ما قيل من أني خاصمت مجلة الرسالة وخاصمت الأستاذ الزيات
وأنا لا أستكثر أن ينزعج قرائي لفراقي، فما كذبت عليهم في حرف، ولا صارحتهم بغير الحق، ولا تخوفت من تمردهم على الصراحة، ولا دعوتهم إلى مصانعة الباطل في سبيل المنافع الفانية
والأستاذ الزيات يعرف كيف جنى قلمي على حياتي، وكيف خلق لي ألوفاً من الأعداء، وكيف قضى بأن أعيش في وطني عيش الغريب
وهل ينسى حزنه لحزني يوم نجح بعض الحاقدين في محاربة الحوار الذي أدرته على لسان آدم ولسان حواء؟
وهل ينسى العلقم الذي اجترعناه معاً ونحن نعاني ثورة الجهّال على القلم البليغ؟
مضى ما مضى، وأصبح ودادي للأستاذ الزيات طيفاً من أطياف التاريخ؛ فلم يبق إلا أن