واستقبل حافظ باشا الأمير ألاي والبكباشي الذي كان يصحبه أحسن استقبال، وأتحفهم بالهدايا وأخبرهم أنه سيرسل رده في اليوم التالي. وكانت الروح السارية في هذا الرد من أوله إلى آخره هي أن الخضوع لا يكون بالأقوال بل بالأفعال. ثم انتقل حافظ باشا من هذا المبدأ إلى قوله إنه لا يعترف بأن التهم التي يوجهها إليه إبراهيم قائمة على أساس صحيح؛ وحاول أن يثبت أن الجنود المصرية لا الجنود الشاهانية هي المعتدية، وجاء في ختام هذا الخطاب ما يأتي:
(لقد أعطيت لنفسي الحرية في كتابة هذه الرسالة الودية، لتكون دليلا على حسن نيتي؛ وقد أرسلتها مع الأمير الاي حاذق بك وبصحبته الأمير الاي أحمد بك من ضباط الجيش الشاهاني المظفر. وعندما تصلكم هذه الرسالة إن شاء الله سيتوقف العمل بما فيها على حكمتكم السامية).
وبينما كانا القائدان يتبادلان الرسائل على هذا النحو، كان رسول يستحث الخطى إلى إبراهيم، يحمل إليه رسالة من أبيه مؤرخة ٩ يونية سنة ١٨٣٩ يقول فيها:
(تسلمت رسالتك التي تقول فيها إن العدو يواصل زحفه وإنه احتل الآن ستين قرية وراء عينتاب، وانه وزع السلاح على الأهالي وحرض العصاة على مهاجمة عَكّار وسلب أموال حاكمها وقتله. وقد قلت بعد ذلك إنه ليس من الحكمة أن يسمح للأتراك بالسير على هذه الخطة، وطلبت إليّ أن أخبرك بما تفعل.
(إن اعتداء العدو علينا قد تجاوز كل حد معقول، وإذا ما صبرنا عليه بعد ذلك عز علينا أن نقفه، لأنه يبذر بذور الفتن ذات اليمين وذات الشمال؛ وكلما صبرنا عليه رغبة منا في عدم معارضة رغبات الدول الكبرى، زاد عدونا إيغالا في بلادنا وزادت الأمور حرجا. وتلك حال ترغمنا على العمل؛ فعلينا أن نرد هجومه بهجوم مثله. ولما كان العدو هو المعتدي فإن الدول لن تلقي التبعة علينا.
(فنصيحتي إليك أن تبادر عند وصول رسالتي إلى يديك بالهجوم على جنود العدو الذين