للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

ذكرى الأستاذ الزنكلوني

منذ عامين مضيا، وفي النصف الأخير من شهر رمضان، اختار المغفور له الأستاذ الشيخ علي سرور الزنكلوني جوار ربه بعد عمر طويل مبارك كان فيه مثال العالم العامل، والمفكر الحر الجريء يقول ما يعتقد، ويدافع عما يعتنق، ويجهر بآرائه في صراحة نادرة المثال. والذين يعرفون الأستاذ الشيخ الزنكلوني كثيرون في الأزهر وفي خارج الأزهر، وإنك لتستمع إلى الرجل منهم يحدثك عن إيمانه بربه، وقوة يقينه، وصفاء نفسه فتأخذك الروعة، ويملكك الإعجاب، ولكنك تبحث عن رجل واحد من أصدقاء هذا الفقيد العظيم قد اهتم بأن يؤرخ له، أو يرسم صورة ولو مصغرة لحياته، أو يجلو للناس بقلمه ناحية العظمة فيه فلا تجد

وإذا كان غير الأزهر بين أصدقاء الفقيد وعار فيه قد شغلوا عن ذلك بأعمالهم، أو انصرفوا عن القيام بمثل هذا الواجب إلى ما هو أشبه بهم فما عذر الأزهريين؟ إن الأستاذ الزنكلوني - رضي الله عنه - رجل من رجالات الأزهر في عهده الأخير، له ذكريات ماثلة في حركته الفكرية وتطوراته العلمية، وله إلى ذلك أثره النافذ في شئون الأزهر على عهد شيخه الحالي، فقد كان يجله ويحترمه ويستعين برأيه في كل ما يعرض له من مشكلات الأزهر، وكان - رحمه الله - ناصحاً أميناً لا يعرف المداورة، ولا يماري في الحق ولا يجامل، فكيف يمر عامان كاملان على مثل هذا الرجل العالم الجريء المجاهد ولا يذكره أحد من أبنائه أو أصدقائه؟

لو أن اسم الأستاذ الزنكلوني لمع في بيئة غير هذه البيئة، لكان لذكراه شأن غير هذا الشأن، ولكنه الأزهر مما قعد به أنه يقف دون المصلحين في حياتهم، وينسى ذكراهم بعد مماتهم وكأنه يريد من الناس أن يذكروا هم أبطاله، وأن يتحدثوا هم عن رجاله، وحسبه أن يشترك في ذلك قارئاً أو سامعاً! بل إنه ليغفل حتى عن ذلك، فلو أنك فتشت في دار نابه من الأزهريين عن أي أثر من آثار المؤلفين المحدثين يتصل بالأزهر أو بمسألة من مسائل الأزهر العلمية أو التاريخية، لأعياك البحث دون أن تجد!

وإذا كان الأستاذ الزنكلوني قد أدركه إهمال الأزهر إلى هذا الحد المعيب، فأصبح بين

<<  <  ج:
ص:  >  >>