ذكرني مقال الأستاذ (علي الطنطاوي) عن الحياة الأدبية في دمشق بحياتنا الأدبية في بغداد، وحبب لي العزم على دخول المضمار، وأغراني بالبحث عن التراث الأدبي الذي خلفته عصور الذهب وعصور الزوان لعاصمة الرشيد!
وليس جديداً عندي مثل هذا البحث فقد كنت أردده في فرص عديدة سابقة، ولكن صدى هذه البحوث لم يكن يبلغ الآذان؛ أما الآن فقد رغبت أن يكون ذلك في (الرسالة) الغراء، وهي المجلة المقروءة في كل قطر عربي، رغبة مني في إطلاع إخواننا في بقية الأقطار على أن سوء الحال لا يمكن أن يبلغ بالأدب ما بلغه في بغداد!
قبل عشر سنوات
لو أتيح للقارئ الكريم أن يتصفح الصحف والمجلات قبل عشر سنين لما فاته أن يلحظ فيها طيف اليقظة الأدبية وهي في مهدها، ولرأى من كثرة ما ينشر في الصحف حينذاك من الشعر على الأخص، ومن بقية الفنون الأدبية، وإن كانت بصورة بدائية، روحاً أدبياً يبشر بمستقبل لا بأس به، ولكان في وسعه أن يتجوز في تسمية تلك الحركة نهضة أدبية قد يأتي عليها زمن تصل فيه إلى النضوج فتؤتي أكلها أدباً جديداً وأدباء مبدعين!
غير أن حقيقة الواقع ليست كذلك! فها نحن أولاء الآن قد خسرنا حتى تلك الحركة البدائية البسيطة؛ وقد ماتت كل المحاولات التي كان القصد منها بعث الروح في الأدب العراقي في كل مناسبة عرض لها بعض الذين خيل إليهم أن في العراق تربة صالحة لمثل تلك المحاولات
وقد اشترك كاتب هذه السطور وساهم في إنشاء بعض الصحف ا [لأدبية فكانت تُغتضَر الواحدة منها تلو الأخرى، فلما يئس وانزوى وترك العمل أخذ بعضهم يلومه، وزاد اللوم في بعض الأحيان حتى بلغ التعنيف! كأن من واجب الأديب أن يستقل بالتضحية وحده، فإن أحجم أو قصر أو تردد فقد أجرم!