في باريس جمهرة من الصروح والمشاهد التاريخية العظيمة التي تجذب الزائرين بماضيها وروعتها؛ ولكن فرساي تتمتع بشهرة خاصة في التاريخ والسياسة؛ وقد كانت مسرح بعض الأحداث العالمية الكبرى التي غيرت مصاير التاريخ والأمم؛ وبستان فرساي آية في العظمة والروعة والجمال.
فمتى كنت في باريس، فيجب ألا تفوتك زيارة فرساي وقصرها العظيم.
وفرساي في الواقع من ضواحي باريس، ولا تبعد عنها أكثر من ثمانية عشر كيلو مترا؛ وفي وسعك أن تصل إليها بواسطة قطر خاصة من المترو تيسر إليها يوم الآحاد، وفي وسعك أن تقصد إليها بواسطة القطار العادي من محطة مونبارنارس
وفرساي مع ذلك مدينة كبيرة يبلغ سكانها زهاء ستين ألفا تخترقها شوارع كبيرة، وبها كثير من الفنادق والمطاعم التي أعدت على ما يظهر خصيصا للوافدين عليها؛ وفي يوم الآحاد تبدو فرساي كأنها في عيد، وتكثر فيها الحركة بما يتقاطر عليها من وفود الزائرين من أهالي باريس، ومن الأجانب من مختلف الأمم.
قصدنا إلى فرساي في صباح يوم أحد بالقطار العادي، وكان غاصا بالقاصدين إليها من فرنسيين وأجانب؛ وكان يوما بديعا سطعت شمسه بعد أن أزعجنا المطر في باريس أياما متوالية؛ فوصلنا إلى فرساي في نحو نصف ساعة؛ وقصدنا إلى القصر توا، وهو قريب من المحطة، يشرف على ساحة واسعة؛ ولفت نظرنا لأول وهلة كثرة الجند الذين يتجولون في المدينة، وفي فرساي كما علمنا حامية كبيرة.
ومن الغريب أن واجهة القصر الخارجية لا تتمتع بكثير من الجمال والروعة، ومنها يبدو البناء كأنه معسكر ضخم؛ ولقد ذكرنا ذلك بواجهة قصر الفاتيكان الخارجية التي لا تدلي بشيء من عظمته الداخلية؛ بيد أننا ما كدنا نجوز إلى ساحة القصر الداخلية، ونشرف منها على بستانه العظيم حتى وقعنا على منظر من أروع ما شهدنا.
يشرف قصر فرساي من الوجهة الخلفية على بستان شاسع، قد نظم أبدع تنظيم، ونمت به