فعل الطبائع ومنهم من يجع بين هذين ويقول إنها على ثلاثة أنحاء: نحو يحذر الله به الإنسان في منامه من الشر ويرغبه في الخير، ونحو من قبل الإنسان، ثم نحو أخير من قبل حديث النفس والفكر. ويقول النظام إن الرؤيا خواطر مثل ما يخطر البصر. وهذا التفسير على اختصاره يحمل في ثناياه بعض الأفكار الأرسطية.
إلا أن رأي أرسطو في الأحلام يبدو بشكل واضح لدى الفلاسفة. وقد خلف الكندي رسالة في ماهية النوم والرؤيا سبق أن أشرنا إليها. وهذه الرسالة لا تزال حتى اليوم بين مخطوطات استامبول، ونرجو أن نوفق إلى نشرها قريبا وقد وقفنا عليها من طريق آخر، فان المستشرق الإيطالي البينو ناجي نشر في أخريات القرن الماضي بضع رسائل للكندي مترجمة إلى اللاتينية وبين هذه الرسائل واحدة عنوانها (النوم والرؤيا)، ويكاد يكون من المحقق أن هذه الرسالة اللاتينية ليست إلا ترجمة للرسالة العربية المتقدمة. ونظرة إلى هذه الترجمة اللاتينية تكفي لإثبات أن الكندي تأثر تمام التأثر بأبحاث أرسطو السابقة المتعلقة بالنوم والرؤيا. وقد قارن البينو ناجي بعض التعريفات الكندية بما يقابلها من التعريفات الأرسطية وأظهر في جلاء ما بينهما من قرابة. وبهذا وضع الفيلسوف العربي أساس نظرية الأحلام الفلسفية في السلام.