الصلة بين الكاتب والقارئ. . . توثقها روابط المحبة والصدق والمعرفة والإخلاص. . . والكاتب الذي يعمل على إيجاد هذه الصلة بينه وبين قرائه كاتب فذ جدير بالاحترام. . . ولعل الأستاذ الجليل الدكتور زكي مبارك يعد الكاتب الاجتماعي الأول الذي يعني بهذه الصلة. . . فليس همه إنشاء الأدب المحض. . . يسكبه في أرواحنا فناً يأخذ بالمجامع بل همه المجتمع الذي يعيش فيه يبحث في مشكلاته. . . ويناقش في معضلاته. . . ويشارك القراء أبحاثهم ويناقشهم آراءهم في أدب جم. . . وتواضع كريم. هذا هو الدكتور زكي مبارك. ويبقى الأستاذ سيد قطب يريد أن يعرف رأي القراء فيه. . . ولعلي أتطوع لإبداء رأيي فيه. لا من ناحية قيمة كتاباته من الناحية الفنية الأدبية فهذا أتركه لأستاذة الأدب وجهابذة البيان. ولكن من ناحية أسلوبه في الخطاب والمناقشة مع الأدباء فهو مع الأستاذ مندور يعتمد على قلمه في سب الرجل والأخذ بخناقه ظلماً طاعناً في رجولته من أجل أدبه المهموس. والأدب شيء والرجولة شيء. . . والفن هو الفن. . . ومع ذلك فلم نر الدكتور مندور إلا ناقداً فنياً أعجب القراء بحثه وتعليله ونقدهوتحليله وشرحه وتأويله. . . ومعارك القلم عند القراء (عوامهم وخواصهم) لن تجدي فيها دعاية ولا حرب أعصاب أو حملة عمادها الشتيمة والسباب. لا بل القارئ يهمه الحجة والمنطق والأسباب. . . ثم ماذا؟ قرأنا مقال (أيها الأدباء أعصابكم) فإذا بنا ننتهي من المقال لنعيد قراءته. وقد لمسنا حسن التوجيه في أدب ولباقة. . . فإذا بالأستاذ قطب يهاجم الأستاذ دريني تحت عنوان غريب ما يصح صدوره من أديب:
(تصحيحات واجبة في الأدب والأخلاق)، ثم قرأنا لنرى (تصحيحات) فإذا بنا نقرأ شيئاً آخر. فهل التصحيحات معناها اتهام الأستاذ دريني بالتحامل. . . واتهام القراء بالعامية وأنه لا يتلقى معاييره الفكرية إلا من العوام وأشباههم. . . صحيح أن الأستاذ قطب تلميذ العقاد. وهل في هذا ما يغضب الأستاذ قطب. لا. الأستاذ قطب كاتب وأديب وشاعر وكل شيء. . . والقراء يحبونه أن يظل هكذا بينهم. . . وبقدر ما يحبونه يحبون آخرين. . . فإذا شاء أن يعارك فبقلمه لا بلسانه. وبعد نقول للأستاذ:(أيها الأديب أعصابك).