[الشاعر]
للأستاذ طاهر محمد أبو فاشا
(مهداة إلى الطائر الصامت الصديق الشاعر الأستاذ المهدي
مصطفى)
إلى مثله تصبو عذارى الخواطر ... وفي يومه تصحو سكارى المزاهر
وفي كل همس حول معناه ضجة ... وفي كل معنى منه أقنوم ساحر
ألَّم على الأيام يسقى جديبها ... ويبني جديداً فوق أطلال دائر
هو الشعر ما غنى ربيع، وما بكى ... خريف، وما اخضلت عيون الأزاهر
تراتيل أنسام، وتسبيح جدول ... وانه موجوع، ومصباح جائر
تشهته أم الفجر معنى لضوئه ... وعاقره في الليل صمت الدياجر
وودت بنات الزهر لو أن غرفها ... من الفن نهب للسوافي الثوائر
وإن حياة لا تحس جمالها ... لتكنيف مصفود، وصفقة خاسر
هو الشعر ما كانت حياة، وما جرى ... على صفحة المقدور إلهام قادر
تغنت به الآباد من قبل عزفه ... كلاماً فجاب الدهر اول عابر
وأرهض للأوتار من قبل عزفه ... كلاماً فجاب إلهام قادر
ودقت نواقيس الحياة، وأطلقت ... رهابينها في الأرض سحر المزامر
ونادى مناد في السماوات: أو قدموا ... كواكبها فاليوم ميلاد شاعر
فضج باعراس السماوات عيدها ... وقر على شط الحياة شريدها
تجردت الأنغام فهي عوالم ... يترجم أسرار الوجود وجودها
وأقبل رب الشعر في آي موكب ... تحف به حور السماء وغيدها
وطاف به جبريل قبل نزوله ... إلى العالم المحدود والرض بيدها
فلما دنا من جوهر الشعر زلزلت ... به الساحة الكبرى، وماج أبيدها
وقيل له: يا شاعر الكون هذه ... هي الجذوة الأولى، وأنت وقيدها
وغوث بالنار القديمة كاهن ... ومس بها الدنيا فضاء عمودها