إذا جاز لغيرنا من أمم الغرب أن يستحلوا الكذب الطريف في أول أبريل لأنهم قلما يكذبون في سائر الأيام، فما الذي يجيز لنا نحن أن نتعمد الكذب في هذا اليوم، وحياتنا ومعاملاتنا وأخلاقنا ومبادئنا كلها كذب صراح في جميع أيام العام؟ لقد كان الأخلق بنا أن نستريح في هذا اليوم إلى الصدق ترفيها لأنفسنا وألسنتنا من عناء الكذب المتصل في كل ساعة وفي كل شيء. وإذا لم يكن بد من هذا التقليد البليد فمن لوازمه أن يتوخى الكذاب الطرافة والظرف فيما يكذب ليكون له من هذه الحال مبرر. ولا ندري أي طرافة وأي ظرف في هذه الكذبة المؤلمة التي صاغها ذلك الطالب الماجن حول حياة الأستاذ منصور جاب الله، وبعث بها إلى الرسالة فنشرتها في العدد الماضي! لقد روع أصدقاء الأستاذ منصور، وبخاصة صديقه الأستاذ كامل كيلاني، فقد بات بليلة الوفي المرزوء يكابد مرارة الحزن، ويعد كلمة الرثاء، ويتمنى مع ذلك على الله أن يرد علينا في الصباح خبر يكذب الخبر لأننا لم نقرأه في صحيفة ولم نسمعه من أحد. وقد حقق الله ما تمناه وجاءنا من الأستاذ منصور هذا الكتاب الذي يكذب والحمد لله ما نشرناه:
سيدي. . . رئيس تحرير (الرسالة)
تحية واحترام، وبعد، فقد دهشت أن يعمد أحد المجان غلى صحيفة الأدب الرفيع الوقور، فيتخذ منها متنفسا لمجونه العابث ومرتعا لهذه العادة السخيفة التي يسمونها (أكذوبة إبريل).
وإني ' ذ أشكر الصحب والأخوان الذين شملوني بعطفهم وأولوني برهم، أعجب لهذا العابث الذي يزعم أنه ينتسب غلى إحدى جامعاتنا، حين تزيد في القول فأدعى أني اكتب الرسائل الجامعية لأصحابها، وإني أحرر المقالات والمحاضرات للأصدقاء المعوزين.
من أين علم هذا؟ وكيف لي بهذا؟ إن مثل هذا التعريض لا يليق بشاب ينتظره مستقبل لامع وأمة ناهضة.
إنها على كل حال سانحة طيبة لأبادل إخوان الأديب وأهل الفضل شعورهم. جزاهم الله خيراً، وأجزل بين الأبرار ثوابهم. والسلام عليكم ورحمة الله.