أرسلوها إلى الدير، طفلة بريئة النفس، طاهرة القلب، بسامة الثغر، وضاحة الجبين؛ كلما وضعت إبهامها في فمها تمصه، تمثلت فيها سذاجة الطفولة وجمالها ودعتها
ونذروها لفينوس، فكانت ربة الحب تنسرق في القمراء الصافية لترعى طفلها، ولتنفث فيها من رقى السحر ما تعدها به لمستقبل غرامي ملئ. وكان الكهنة يتفرسون في شفتي هذه الوديعة الصغيرة ألغازاً لا يدركون لها كنها، وأسراراً لا يفقهون لها معنى، إلا كنه الصبابة الحمراء تنثال فوق الثنايا الأربع البراقة، وإلا معنى القبل الناضجة يختلسونها كلما افترنا عن ابتسامة، أو انفرجتا لدغدغة أو تخميش
وشبت هيرو
وتفتح الورد في خديها الناعمين، واستيقظ النرجس في عينيها الناعستين، وضحكت فينوس في شفتيها الحمراوين، ونبت الخمل الحريري يطري صباها الغض، وشبابها الفينان! وعينت راهبة لفينوس في سيستوس، المدينة الخالدة، التي تربض على شاطئ الهلسنت الأوربي، قبالة أبيدوس، مدينة الأحلام، على الشاطئ الأسيوي
ولبثت الراهبة الرائعة تؤدي الطقوس والشعائر الدينية لربة الجمال والحب، في برج مشيد مشرف على البحر في قصر أبيها، ولبثت الشهرة تذيع محاسنها في المدينة الكبيرة، والصيت الرنان يتحدث عن جمالها بين الأهلين كما يتحدث الشذى عن ورده، والأرج عن رنده، حتى أصبح اسمها أغنية كل فم، وهتاف كل لسان
وسمع لياندر، فتى أبيدوس وأشجع شبابها، والذائد عنها في كل حومة، بهبرو الراهبة، فعجب أن تكون حقيقة كما يصفها الناس، وحسب أن المبالغة هي التي نفخت في شهرة هيرو، فلم يهتم لما سمع عن مفاتنها، وصرف ذهنه الشاب الفتى عن هذه الطوبى التي