سلبت ألباب الفتيان، وغدت حلماً ذهبياً لكل مدله ولهان
ولكنه كان يزداد تذكراً للفتاة كلما بالغ في نسيانها أو تناسيها، وإذا صح أن الأذن تعشق قبل العين أحياناً، فلقد كانت أذن لينادر عاشقة وامقة، وما برحت تلح على قلب صاحبها بالعشق والمقة، وما برح يعرض عنها ولا يصغي لها، حتى أعلن في سيستوس عن حفل ضخم يقام في هيكلها تكريماً لفينوس وتقديساً، وأن الشباب من الجنسين مدعوون للمشاركة في الاحتفال بربة الجمال والحب، وليس أولى من الشباب بتكريم الجمال والحب!
وترامى خبر الاحتفال حتى بلغ الشاطئ الأسيوي في أبيدوس وحتى سمع به لياندر، فابتسم، وشعر في سويدائه بأول قبس من نار الحب، فألهب إحساسه وأشتعل قلبه، وملأ ضالعه شوقاً إلى هيرو وتحنانا
واعتزم المشاركة في الاحتفال، لا تقديساً لفينوس، ولكن لينظر إلى الراهبة الحبيبة التي ملأت خياله، وأصبحت مثله الأعلى الذي ينجذب دائماً إليه، مدفوعاً بالقوة الخفية الخارقة، خاضعاً للسحر المطوي العميق
وإذ كان اليوم المنشود، ارتدى الفتى أبهى ملابسه، وانطلق يحدث نفسه أماني الحب، ويتغنى أغرودة الجمال، وظل يحلم في طريقه إلى سيستوس بهذا الأمل اللماح، الذي يشبه في تحجبه في ثنايا المستقبل، قمر ليلة مكفهرة قمطرير، ما يفتأ يتخايل في تضاعيف السحب!
وعبر الهلسبنت في زورق أبيض جميل، مخسر ما بين العدوتين في ساعة كانت في فؤاد العاشق المشتاق أطول من أحقاب وأحقاب!
وقصد إلى الهيكل، وطفق يدافع الجماعات، ويزاحم الجماهير، حتى كان بين يدي هيرو
وكانت باقات الورد تتناثر من هنا وهناك تحت قدمي الراهبة الصغيرة التي استوت على منصة ترتفع قليلاً عن مقاعد المدعوين، مشرقة مؤنقة، كأنها زنبقة، ملتفعة بردها الحريري الأبيض، مكتثة بذراعها اللدنة الجميلة على سنادة المنصة، مقلبة عينيها الدعجاوين في الجماهير المتكببة حولها تلتمس البركات. . .
وكانت فينوس قد أقبلت من مملكة الأولمب تشهد المهرجان الحاشد، وتشبع خيلاءها باستملاء الشباب الهاتف باسمها، المترنم بعبادتها؛ وكان معها أبناؤها الغر الميامين، وفيهم