للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٤ - تركيا]

للأستاذ أبو الفتوح عطيفة

طاغية

وعدت القراء في نهاية المقال السابق أن أحدثهم عن الحركة المجيدة التي أنقذت تركيا من الحرج الذي كانت فيه ١٩٢٠ ومن الأزمات والنكبات التي حلت بها في ذلك التاريخ، ولكني أرى لزاما على أن أشير إلى العوامل الداخلية التي كانت سبب تلك الكوارث بعد أن تحدثت عن أسبابها الخارجية، وبذلك نضع أمام القراء صورة انحلال تركيا الداخلية والخارجية ثم بعد ذلك نتحدث عن الحركة الكمالية أو حركة الإنقاذ.

كانت أوربا تتحدث جميعا منذ القرن الثامن عشر عن قرب انحلال تركيا، وأكثر من هذا قامت بعض الدول بمفاوضات بقصد تقسيم تركة تركيا. والواقع أن ضعف تركيا كان يرجع إلى عوامل متعددة منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي.

ولعل من أهم العوامل الداخلية كثرة الشعوب والأجناس التي كانت تركيا تحكمها، فقد كانت تحكم إمبراطورية واسعة يسكنها البلغاريون واليونانيون والصربيون والجبليون والرومانيون والسوريون والعراقيون والمصريون والعرب والمغاربة وغيرهم، وكانت هذه الشعوب تختلف في الجنس واللغة والدين والعادات والتقاليد، وتختلف أيضاً عن الدولة الحاكمة في تلك النواحي الأمر وذلك ما جعل الإمبراطورية العثمانية معرضة للانحلال بمجرد ضعفها.

وكان أهم أسباب ضعف تركيا فساد الحكم التركي في تركيا ذاتها وفي أملاكها، فقد كان الخليفة أو السلطان رأس الدولة موطن الفساد والانحلال وسبب السوء والضعف.

صحيح أن بعض المحاولات للإصلاح قد قامت فعلا ولكنها فشلت. . أولا لأن الدولة كانت حريصة على أن تظل تركيا ضعيفة منحلة تستطيع الدول أن تقتطع لنفسها من أملاكها ما تشاء حين تحين الظروف أو تواتي المناسبات. وثانيا لأن العقلية الرجعية كانت تسيطر على الخلفاء والأتراك وحاشيتهم ووزرائهم مما جعل هذه الحركات الإصلاحية عديمة القيمة.

وتناهت الأمور إلى السلطان عبد الحميد ١٨٧٦ الذي تولى العرش على أكتاف الأحرار

<<  <  ج:
ص:  >  >>