للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أبناء حزب تركيا الفتاة الذي كان يتزعمه مدحت (باشا) وقد كانت الحياة النيابية أهم أماني مدحت الذي كان يرى أن الحياة الدستورية الصحيحة هي السبيل الوحيد لإنقاذ تركيا.

وقد كانت تركيا إذ ذاك في موقف لا تحسد عليه، فالشعوب البلقانية ثائرة والدول تتدخل لإنهاء الموقف فوجد لسلطان عبد الحميد خير وسيلة للخروج من هذا المأزق هي إصدار الدستور فهو كفيل بإسكات الأحرار من الأتراك والثوار من رعاياهم؛ بل أكثر من هذا أنه سيقضي على محاولات الدول للتدخل في شؤون تركيا.

أصدر عبد الحميد الدستور ١٨٧٧ ولكنه كان غير مؤمن به ولذلك لم يلبث طويا أن قضى عليه فحل البرلمان ونفى مدحت (ذلك المجرم الذي أحتل الناس وساقهم في طريق الغواية) وشتت أنصاره وأتباعه وأصبحت تركيا سجنا للأحرار من الرجال.

وأقام عبد الحميد من نفسه طاغية جبارا يتحكم في الرقاب وينشر الظلم والذل والاستعباد وملأ الحكومة برجال لا أخلاق لهم ولا مبدأ ولا عهد ولا دين، غايتهم الوحيدة الإثراء وجمع المال بأي طريق (هذا هو العهد الذي كان فيه المال والثروة غرض الحياة الأعلى، وما كان ذلك الغرض يستدعي سوى أن يتبرأ الإنسان من قومه ويتجرد من شخصيته ويضحي ابنه وأمه وأخته وأصحابه وذمته وكل العواطف الوطنية والمبادئ البشرية).

وحتى لا تتسرب بذور الحرية إلى تركيا منع عبد الحميد الأتراك من السفر إلى الخارج وشدد الرقابة على الصحف والكتب ومنع الصحف التي تصدر في أوربا من دخول تركيا؛ وانتشرت الجواسيس وراقبوا الناس وانتهكوا حرمة المنازل وعاش الأتراك تحت نير هذا العسف ثلاثين عاما.

ومنع الأئمة والخطباء في المساجد من ذكر الأحاديث أو الآيات التي تحط من قدر الطغاة والتي تذكر الظالمين بسوء العاقبة، وكان حديث الجمعة الثابت (إن الله جميل يحب الجمال) أما الأحاديث التي تشير إلى العدل أو تذكر الوالي بمسئوليته نحو رعيته فكانت ممنوعة منعا باتا.

وكشأن الملوك الطغاة المفسدين كان قصر عبد الحميد يعج بالنساء والجواري. ويذكر المؤرخون الأجانب أن عبد الحميد حين ولي العرش وعد بأن يقضي على تقاليد الخلفاء الذميمة ومنها الإكثار من النساء في قصورهم كما وعد بأنه سيقتصر على زوجة واحدة

<<  <  ج:
ص:  >  >>