ليس الطريف في هذا الكتاب عنوانه المشوق، وإنما الطريف فيه حقاً أسلوبه القصصي التاريخي الممتع الذي وصف به مؤلفه الفاضل الأستاذ عبد العزيز سيد الأهل خلافة ابن المعتز التي ضرب بها المثل في القصر.
وأحسب أن لو كان مؤلف هذه القصة التاريخية كاتباً معروفاً أو أديباً مشهوراً لأسرع النقاد يمدحونه ويتملقونه لتقرن أسماؤهم باسمه، أو يلتمسون عثراته ويخالفونه ليشتهروا بذمه؛ ولكن كتاباً ككتاب (يوم وليلة) وقد وضعه أديب غير مشهور، لا يحظى من تحليل النقاد بحظ وفير!
على أن دار العلم للملايين في بيروت كانت أكثر تقديراً للكاتب الفاضل، إذ تكلفت بكتابه فطبعته آنق طباعة وألطفها، على أصقل ورق وأنعمه، كما نشرت له منذ عام بحثاً طريفاً جامعاً حول (النكتة المصرية) كان له صدى في الأوساط الأدبية اللبنانية. وأريد اليوم لأكون أحد المعترفين بفضل هذا الأستاذ فأظهر الناس على أدبه الرفيع، وأطلعهم على علمه الغزير، وإن كنت لم أجلس إليه في ناد، ولم أقابله في زيارة: فإن قلم الكاتب لسان عقله وتفكيره، ووحي قلبه وشعوره.
لا ريب عندي في أن هذا الكتاب الذي يمكنك أن تقرأه في جلسة واحدة وأنت مستمتع بجمال عرضه، وجزالة أسلوبه، ورصانة تعبيره، قد كلف الأستاذ عبد العزيز عناء طويلاً وجهداً ثقيلاً، فلقد حاولت من قبله أن أعلم شيئاً يغني عن خلافة ابن المعتز، ففتشت بطون الكتب كما فتش؛ واستقصيت في الطلب كما استقصى فلم أجد - كما قال الأستاذ في مقدمته - (كتاباً واحداً ولا كتابين ولا ثلاثة ولا عشرة تسعدني بما تمنيت) وأدركني الملالة فانصرفت عن هذا الموضوع إلى سواه. أما الأستاذ فلم يعرف الضجر، وإنما زاد في الاستطلاع وما انفك يزيد حتى أربى على الستين كتاباً، ثم تتبع الأخبار المبثوثة في طوايا