للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[زوجتي. . . .!]

وفاء ورثاء

للدكتور أحمد زكي أبو شادي

سافر إلى نيويورك يوم الأحد الماضي الدكتور أحمد زكي أبو شادي ليقيم بها هو وأسرته، وقد أرسل إلينا ليلة سفره هذه القصيدة ومعها كتاب يقول فيه:

(كان بودي أن أزورك مودعاً قبيل مبارحة وطني الذي لم تسمح لي الظروف بخدمته كما أود، ولكن أحوالي الخاصة لم تمكني من مغادرة الإسكندرية لهذا القصد، وسأبحر منها مع أولادي على الباخرة فولكانيا يوم الأحد ١٤إبريل وعلى فمي بيت المتنبي:

إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ... ألا تفارقهم فالراحلون همو!

وكان بودي لو حملت رسالة توديعي طاقة باسمه لا هذه المرثية الحزينة لزوجتي ولكنها أغلى ما أملكه الآن وقد ارتسمت فيها ذكرياتي وعواطفي وأشجاني)

كتب الله للدكتور السلامة، ومن عليه في مهجرة بطيب الإقامة.

ماذا تفيدُكِ لوعتي وبكائي؟ ... هذا فَناؤكِ مُؤْذِنٌ بفنائي!

أسديتِ عمرك للحياة فما وفت ... ومضيت للأبرار والشهداء

لهفي عليكِ وقد أتيتُ مودِّعا ... فبكيتُ فوق جبينك الوضاءِ

زات الممات جمالَه وتناثرتْ ... مني الدموعُ عليكِ كالأنداءِ

كانتُ حشاشتيَ المذَابةَ حرقةً ... وبقيَّةَ المكنوز من نَعمائي

فترنحتْ بفجيعتي، وتضوّعتْ ... بسريرتي، وتلألأت بوفائي

ورَوَت مُحياً كان جنةِ نِعمتي ... وملاذ تفكيري ووحي ذكائي

وطرحتِ آلام الحياة عزيزةً ... فبدوْتِ بين سماحةٍ وصفاءِ

وأقبلُ الوجه الحبيب، وطالما ... أودعتُ فيه صبابتي ورجائي

شملَ السلامُ هدوَءه وتبدَّدت ... غيرُ السنين، وزال بَرْحُ الدَّاءِ

وأكادُ أنسى للمماتِ خُشوعه ... لما نسيتُ تجلدِّي ومضائي

كم كنتُ أعْلقُ بالخيال توهماً ... وأرى الشِّفاَء ولاتَ حين شفاءِ

ويغالطُ القدرَ العتيَّ تفاؤلي ... وأنا الخصيمُ لخِدْعةٍ ورياءِ

<<  <  ج:
ص:  >  >>