آبىَ اعترافا بالممات، كأنني ... لما بكيتُكِ قد أضِلَّ بُكائي
أو أن هذا الموت حق ثابت ... إلا على الأحبابِ والخلصاءِ
أو أن عيشي أن أراكِ بجانبي ... مهما هُزلتِ فلا يهدُّ بنائي
أعتاضُ باللمحات عن أُغنيَّةٍ ... وعن الحديث العذب بالإيماء
وأعدُّ أنفاسا وهَبْتِ، ذخيرتي ... وحفيفَ ألفاظ همسْتِ، رخائي
وأموِّهُ الألم الدفين وأتَّقي ... عِلما به، وأصدُّه بغبائي
وأكادُ أقسو في مُجانبةٍ له ... أوَ ليسَ جسمكِ رمزٍ كل نقاءِ؟
متنزِّهاً عن كل ما شان الورى ... مترفعا عن عِلَّةٍ وعناءِ
حتى صدمتُ، ولا كصدمةِ شاهق ... متحطمٍ بصخوره الصمَّاء
فجننتُ من حُزني وعِفْتُ حصانتي ... ودَفنتُ كلَّ رجاحتي العمياءِ!
لهفي عليك زميلتي في رحلتي ... وشريكتي في الصفو والضراء
لم أرْض غيري أن يسيرُ مُشيّعا ... أو أن تُوزَّع حرقتي وعنائي
وكتمتُ نعيك، كم أضن بذكره ... وأحوطُه بنُهايَ واستحيائي
لبيتُ رغبتك الزَّكيةَ دائما ... ووعيتُها نبلاً ولطفَ حياءِ
وجعلت مأتمك الرهيبَ عواطفي ... وبخِلْتُ بالتنويهِ والإفضاءِ
حتى تفجر بي الأنين مَلاحما ... وجرى النظيمُ بأدمعي ودمائي
ما كنت أحسب أن يومك سابقي ... أو أن أيامَ الحياةِ ورائي
كنا نهيئ للرحيل متاعنا ... وننسق الآمالَ غيرَ بطاءِ
ونهيب بالدنيا لتشهدَ حظنا ... ونهشُّ للأيامِ والأنباءِ
ونردُّ عاديةَ الأنامِ تسامُحاً ... مستغفريْنِ لجاحدٍ ومرَائي
متسابقين لنملأ الدنيا سَنىً ... بالحبِّ والإيثارِ والإيحاءِ
فإذا رحيلكِ للنّوىَ ووداعنا ... للحظِّ، والباقي الكليمُ ذَمائي
غدرت بيَ الدنيا، كأني لم أصُغْ ... فيها الثناَء فما أفادَ ثنائي
ووهبتها - كرما - عزيز مواهبي ... فجنت عليَّ شهامتي وعطائي
اليومَ أدركُ أيَّ عبءٍ فادحٍ ... عني رفعتِ وما مدَى أعبائي