كم كنت أحلم بالهناءةِ والرَّضى ... لك في نهايةُ عمركِ المتنائي
فأودُّ من قلبي بقاَءكِ بعد ما ... أفنَى وأحسبُ في هواكِ بقائي
وأعدُّ عمركِ وحده عمري وما ... أرضَى سِواكِ من الحياة جزائي
فتناثرَ الحلمُ الجميلُ وأقفرَت ... دنيايَ من حُلمٍ ومن أضواء
وبقيتُ وحدي لا عزاءً أرومُه ... والذكرياتُ تزيدُ من بُرحائي
يا طالما ناجيتها في نشوَتي ... واليوم قد اصبحْنَ من أعدائي
ما نعمتي فيها؟ وأنتِ هي التي ... جعلتِ بصُحبتها الأسى نعمائي
يا من فتنت بكل ما هو رائعٌ ... وخلقتِ ألوان الجمالِ إزائي
ورسمتِ لي دنيا مُنوَّعة الشذى ... قدسَّيةَ الألحانِ والأصداء
وبثثت بي حبّ الطبيعة فاغتدت ... أميّ، أضعْتِ عزاَءها وعزائي
يا منِ غناؤكِ شدْوُها وحنينها ... وصداهُ في قلبي الشجي غنائي
لما سكتِّ تقاطَرتْ عبراتها ... واستسلمتْ للَّوْعةِ الخرساء
ومضى الرَّبيع مع الشتاء فلم أجد ... إلا مظاهر وحشة وخلاء
تبكيكِ أخلص من وفت لروائها ... وتصوفت بمروجها الغناء
ورأت بها الخير اللباب فما شكت ... منها وناجتها أرقّ نِجَاء
وتناولت ألقَ النجوم فأترعت ... منه دنان الحب للشعراء
كم ألهمتني من عيونكِ صورة ... جمعت أحبَّ عواطفٍ ومرائي
وتبسمٌ تتبسَّم الدنيا له ... ويغيب عن معنى وعن خيلاء
ورشاقةٌ معسولةٌ ملحونةٌ ... كقصيدةٍ خلابةٍ عصماء
كم كنت أهتف بالنشيد ولم يكن ... إلا خطوط جمالك الوضاء
تجري اليراعةُ في يدي مزهوةً ... بتغزلي، ويهزني إملائي
مترنماً بالحبِّ بين ولائمٍ ... للزهر والأمواه والأضواء
وإخالُ في دعةِ المروج جناننا ... وأشيم في ألقِ الغدير سمائي
أيامَ كنا والشبيبةُ والهوى ... حلفاء في أمنٍ من الغرماء
أيام كنا نستعيدُ ثراءنا ... قُبلا، ونضحك من غنى وثراء