اطلعت في مجلة (الرسالة) المصرية على كلام للأخ الأستاذ العلامة محمد بك كرد علي ينتقد فيه كتاب (قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث) للمرحوم العلامة الأستاذ الشيخ جمال القاسمي بأنه كتاب قد جمع جمعاً ولم يأت صاحبه فيه إلا برأي واحد وهو ترجيح قول الجلال الدواني على قول الشهاب الخفاجي في عدم التسامح بالأحاديث الضعيفة ولو كانت في مقام الترغيب في الفضائل. وقال: إن طريقة التأليف في عهد الارتقاء العلمي هي أن يأتي كلام المؤلف أكثر من شواهده، وأنه لما ضعفت ملكة التأليف أصبحت الكتب عبارة عن نسخ أقوال من سلف، وربما كان الشيخ جمال القاسمي آخر من جرى على هذهالطريقة وهي بسط أراء غيره؟ وأنه قد حدثت في التأليف طريقة جديدة اليوم وهي أن المؤلف في فن يقتصر على لباب ما قرأ فيه، ويدعم أقواله بشواهد من كتب القدماء أو المحدثين بأسلوب سهل سائغ خال من الخطابيات والسجع؟
فالأستاذ كرد علي ينتقد هذا التأليف رأساً من جهة أنه ليس على طريقة التأليف العصرية التي هي بزعمه إلا اكتفاء بالإشارة إلى ما كتبه القدماء أو التلخيص لأقوالهم بدون التزام النقل إلا ما جاء في سبيل التأييد والدعم. ثم أنه لم يكتف بنقد الكتاب نفسه بل أنتقد ناشره بأنه قدم له أربع مقدمات، ثلاثة لبعض المعاصرين ورابعة للمؤلف، وأن هذه المقدمات استغرقت أكثر من عشرين صفحة وما خرج الكلام في بعضها عن الدعاية والتمجيد؟ وكأن الأستاذ كرد علي يريد انتقاد أخيه هذا في المقدمة التي من قلمي والتي اذكر فيها ما أعرفه عن الشيخ جمال القاسمي رحمه الله. وبعبارة أخرى قد ثقل على أخينا الأستاذ ما صدرنا به كتاب (قواعد التحديث) من مناقب مؤلفه، ولقد كنت أتمنى ألا يكون الأستاذ كرد علي جعل من هذا موضعاً لنقده. وأنا أتمنى الآن أن أكون أسأت فهم كلامه. فأما من جهة مؤلف هذا