للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة العلم]

أهمية نظرية التطور

نظرية التطور وقصة الخليقة

للأستاذ عصام الدين حفني ناصف

كان الناس فيما مضى يجهلون معظم القوانين الطبيعية التي تسود الكون وتحكمه، فكان المفكرون منهم يتساءلون: لم هذا اللباس من الشعر غير الكثيف يغطي جسمنا؟ لم يشبه القط النمر؟ لم كان الزنجي أسود اللون والصيني أصفره؟ لم كان الأوربي متحضراً والإفريقي غير متحضر؟ لم كان عدد صنوف الحيوانات عديداً بهذا القدر؟ لم نعثر في أعماق الأرض على عظام أسماك متحجرة؟ ولم يكن هناك من يستطيع الإجابة على هذه الأسئلة وأمثالها، وذلك لأن فكرة واحدة لم تكن قد نفذت إلى رؤوسهم، وهي: أن الأرض قد نمت هي وما عليها في مدى مئات الملايين من السنين حتى بلغت ما تبلغه الآن، وقد وصلت الكائنات إلى أشكالها الحالية ببطء شديد وبالتدريج، ومرت خلال ذاك على أشكال عديدة سابقة لهذه، فهي قد (تطورت)

تقول نظرية التطور: إن جميع الكائنات الحية الباقية والمنقرضة قد تطورت إلى أشكالها الأخيرة من أصل واحد أو بضعة أصول، فهي أذن يتصل كل منها بالآخر برباط القرابة

وقد كثرت الأدلة العلمية على صحة هذه النظرية حتى (انتقلت) كما يقول أوسبورن (من نطاق الفروض والنظريات إلى نطاق القوانين الطبيعية) ولذلك فإن (خصومها) كما يقول بلاته (مضطرون إلى مكافحتها ببراهين وحجج من غير التاريخ الطبيعي)

وليست أهمية هذه النظرية بقاصرة على كونها ضرباً من العلم والفلسفة فقد أثرت تأثيراً كبيراً على علوم مختلفة كعلم الحفريات والتشريح المقارن والأجنة والاستيطان ووظائف الأعضاء وعلم الأمراض وتاريخ الإنسان والاجتماع والنفس والفلسفة.

وللنظرية عدا ما تقدم أهمية بالغة من الناحية العلمية، ذلك أنه إذا كان التطور إلى أرقى ليس هو المصير المحتوم دائماً بل يشترط لحدوثه ظروف وشروط خاصة، فما يستحق الجهد ولاشك أن يفكر المرء ويعمل على توفير هذه الظروف والشروط، وبذلك لا يكون

<<  <  ج:
ص:  >  >>