الإنسان سلبياً يحمله تيار الحوادث إلى حيث يساق، بل يكون سائراً بمشيئته في طريق الرقي وهو يعلم أين يسير. وهذا يجعل من السهل علينا أن نجيب على السؤال الذي كانوا يلقونه قديماً عن معنى الحياة والغرض منها، فليس الغرض منها إلا السير بالبشرية في سبيل الرقي وتوفير أسباب البهجة والتمتع لكل فرد منها
وقد طبَّق سبنسر نظرية التطور على الشئون الاجتماعية، وشرح رأيه في نشوء الضمير الخلقي عند الإنسان بما يتلخص فيما يأتي: كان الناس في أول أمرهم يرون أن الحسن هو المفيد إفادة عاجلة، ثم أظهرت التجارب أن هنالك أحياناً فائدة كبيرة آجلة تَفضُل الفائدة الصغيرة العاجلة. وقد اختُزنت هذه التجارب في مشاعر أسلافنا وذلك ما أحدث أثره في مجموعهم العصبي، وتوارثنا نحن عنهم هذه التأثيرات، فترانا نعتبر بعض التصرفات حسناً دون أن نجربه ونتثبت بأنفسنا من نفعه، وإنما أسلافنا هم الذين جربوا ذلك لهم ولنا من بعدهم، وهذه الحكمة الموروثة هي ما نسميه بالضمير، وبه نجد من دخيلة نفوسنا ما يرشدنا إلى الخير والشر. وعلى ذلك فإن حياة الفرد ونصيبه الذي قسم له في الحياة لا يبدوان عند ولادته، بل هما يرجعان إلى الماضي الذي لا نستطيع تقدير توغله في القدم
نشوء الكون
كانت هنالك مادة أولى تملأ الوجود، ومن هذه المادة نشأت السدم، وهي سُحُب من ذرات معدنية صلبة مختلفة الحجم والمعدن، ثم تطورت السدم بعد ذلك فأخذت الذرات الصغيرة فيها أو القليلة الكثافة تنجذب إلى الكبيرة أو الأكثر تركزاً، إلى أن تكونت كرات كبيرة يفصل بين كل منها والأخرى حيز فارغ واسع المدى. واتجهت الذرات الأكثر ثقلاً في كل كرة نحو مركزها، وولَّد ضغط الذرات في هذه الكتل التي يزن كل منها تريليونات الأطنان، حرارة هائلة جعلها تتقد وتتحول إلى كوكب. أما الذرات الخفيفة أي الغازات، فقد بقيت في الحافة مكونة جواً غازياً حول الكوكب. وقد حدثنا الفلكيون أن الكون الذي نعيش فيه يحوي نحو ٢ , ٠٠٠ , ٠٠٠ , ٠٠٠ من الشموس التي تشبه شمسنا، والكثير منها كواكب مثل كوكبنا الأرضي، من الجائز أن تكون مأهولة بكائنات حية، فليس ثمة ما يدعو إلى افتراض أن الأرض أنشئت على نمط خاص
أخذت الكواكب تفقد حرارتها شيئاً فشيئاً، وكان أسرعها في ذلك أصغرها حجماً، وبردت